الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٥

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٥ -

وَلاَ يَحْبِسُهُ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ إِذَا ادَّعَى الْفَقْرَ، لأَِنَّهُ الأَْصْل، وَذَلِكَ مِثْل ضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ وَأُرُوشِ الْجِنَايَاتِ وَنَفَقَةِ الأَْقَارِبِ وَالزَّوْجَاتِ، إِلاَّ أَنْ تَقُومَ الْبَيِّنَةُ أَنَّ لَهُ مَالًا فَيَحْبِسُهُ، لأَِنَّهُ ظَالِمٌ. فَإِذَا حَبَسَهُ مُدَّةً يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَالٌ لَهُ أَظْهَرَهُ، وَسَأَل عَنْ حَالِهِ فَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ مَالٌ، خَلَّى سَبِيلَهُ، لأَِنَّ الظَّاهِرَ إِعْسَارُهُ فَيَسْتَحِقُّ الإِْنْظَارَ. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ بِإِعْسَارِهِ. وَتُقْبَل بَيِّنَةُ الإِْعْسَارِ بَعْدَ الْحَبْسِ بِالإِْجْمَاعِ وَقَبْلَهُ لاَ. وَالْفَرْقُ أَنَّهُ وَجَدَ بَعْدَ الْحَبْسِ قَرِينَةً، وَهُوَ تَحَمُّل شِدَّةِ الْحَبْسِ وَمَضَايِقِهِ، وَذَلِكَ دَلِيل إِعْسَارِهِ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ قَبْل الْحَبْسِ، وَقِيل تُقْبَل فِي الْحَالَتَيْنِ، وَإِنْ قَامَتِ الْبَيِّنَةُ عَلَى يَسَارِهِ أَبَدًا حَبَسَهُ لِظُلْمِهِ حَتَّى يُؤَدِّيَ مَا عَلَيْهِ.

وَاخْتَلَفُوا فِي مُدَّةِ الْحَبْسِ، قِيل: شَهْرَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ، وَبَعْضُهُمْ قَدَّرَهُ بِشَهْرٍ، وَبَعْضُهُمْ بِأَرْبَعَةٍ، وَبَعْضُهُمْ بِسِتَّةٍ. وَلَمَّا كَانَ النَّاسُ يَخْتَلِفُونَ فِي احْتِمَال الْحَبْسِ، وَيَتَفَاوَتُونَ تَفَاوُتًا كَثِيرًا فَإِنَّهُ يُفَوَّضُ إِلَى رَأْيِ الْقَاضِي. (١)

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يُحْبَسُ الْمَدِينُ (٢) الْمَجْهُول إِذَا ادَّعَى الْعُدْمَ لِيَسْتَبِينَ أَمْرُهُ بِإِثْبَاتٍ، وَمَحَل حَبْسِهِ مَا لَمْ يَسْأَل الصَّبْرَ وَالتَّأْخِيرَ إِلَى إِثْبَاتِ عُسْرِهِ، وَإِلاَّ أُخِّرَ مَعَ كَفَالَةِ كَفِيلٍ وَلَوْ بِالنَّفْسِ، وَيُحْبَسُ إِنْ جُهِل حَالُهُ إِلَى أَنْ يَثْبُتَ عُسْرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ الْحَمِيل (الْكَفِيل) غَرِمَ مَا عَلَيْهِ إِلاَّ أَنْ يَثْبُتَ عُسْرُهُ.

وَثُبُوتُ عُسْرِهِ يَكُونُ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ يَشْهَدَانِ أَنَّهُمَا

_________

(١) الاختيار شرح المختار ١ / ٢٦٠ - ٢٦١ ط مصطفى الحلبي ١٩٣٦

(٢) المراد بالمدين الذي عليه الدين. أحاطت الديون بماله أم لا سواء كان ذكرا أو أنثى.