الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٥ - تراجم الفقهاء - إعسار - آثار الإعسار - أولا آثار الإعسار في حقوق الله المالية - أثر الإعسار في سقوط النذر
فَمَنْ لَمْ يَجِدِ الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ يَكُونُ مُعْسِرًا، فَلاَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ ابْتِدَاءً.
وَصَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّ الْمُعْسِرَ لَوْ تَكَلَّفَ الْحَجَّ بِدُونِ إِلْحَاقِ ضَرَرٍ بِغَيْرِهِ، مِثْل أَنْ يَمْشِيَ وَيَكْتَسِبَ بِصِنَاعَتِهِ، أَوْ مُعَاوَنَةِ مَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ، وَلاَ يَسْأَل النَّاسَ، اسْتُحِبَّ لَهُ الْحَجُّ. وَاسْتَدَلُّوا لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُل ضَامِرٍ﴾ (١)
فَقَدَّمَ ذِكْرَ الرِّجَال وَهُمُ الْمُشَاةُ.
أَمَّا مَنْ بَلَغَ وَاسْتَطَاعَ الْحَجَّ فَلَمْ يَحُجَّ ثُمَّ أَعْسَرَ، ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ الْحَجُّ، وَعَلَيْهِ أَدَاؤُهُ إِذَا أَيْسَرَ، وَيَأْثَمُ إِذَا مَاتَ وَلَمْ يُؤَدِّهِ، فَإِنْ أَوْصَى وَلَهُ تَرِكَةٌ وَجَبَ الإِْحْجَاجُ عَنْهُ قَبْل تَقْسِيمِ التَّرِكَةِ. (٢)
ج - أَثَرُ الإِْعْسَارِ فِي سُقُوطِ النَّذْرِ:
٧ - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِنْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِشَيْءٍ، وَلَيْسَ فِي مِلْكِهِ إِلاَّ أَقَل مِنْهُ، لاَ يَلْزَمُهُ غَيْرُهُ، لأَِنَّ النَّذْرَ بِمَا لاَ يَمْلِكُ لاَ يَصِحُّ. (٣)
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ مَنْ نَذَرَ مَا لاَ يَمْلِكُ لَزِمَهُ إِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ لَزِمَهُ بَدَلُهُ أَوْ بَدَل بَدَلِهِ، فَلَوْ نَذَرَ بَدَنَةً لَزِمَتْهُ، فَإِنْ أَعْسَرَ عَنْهَا فَبَقَرَةٌ، فَإِنْ أَعْسَرَ عَنْهَا فَسَبْعُ شِيَاهٍ، فَلَوْ قَدَرَ عَلَى مَا دُونَ
_________
(١) سورة الحج / ٢٧.
(٢) المغني ٣ / ٢١٩ ط الرياض، وكشاف القناع ٢ / ٣٩٣ ط الرياض، ونهاية المحتاج ٣ / ٢٤٥ ط المكتبة الإسلامية. والدر المختار وحاشية ابن عابدين ٢ / ٢٤٢، وجواهر الإكليل ١ / ١٦٦
(٣) الاختيار شرح المختار ٣ / ٣٣، ٣٤ ط مصطفى البابي الحلبي ١٩٣٦، والمهذب ١ / ٢٤٩، ٢٥٣.