الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٥ -
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ الزَّوْجَةَ إِنْ طَالَبَتِ الزَّوْجَ بِالصَّدَاقِ الْوَاجِبِ وَلَمْ يَجِدْهُ، فَإِنِ ادَّعَى الْعُدْمَ، وَلَمْ تُصَدِّقْهُ، وَلاَ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى صِدْقِهِ، وَلاَ مَال لَهُ ظَاهِرٌ، وَلَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ عُسْرُهُ أَجَّلَهُ الْحَاكِمُ لإِثْبَاتِ عُسْرِهِ، إِنْ أَعْطَى حَمِيلًا " كَفِيلًا " بِالْوَجْهِ، وَإِلاَّ حَبَسَهُ كَسَائِرِ الدُّيُونِ. وَمُدَّةُ التَّأْجِيل مَتْرُوكَةٌ لِلْقَاضِي. ثُمَّ إِذَا ثَبَتَ عُسْرُهُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ صَدَّقَتْهُ تُلُوِّمَ لَهُ (تَمْكُثُ) بِالنَّظَرِ، وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ عُسْرُهُ فِي مُدَّةِ التَّأْجِيل وَلَمْ تُصَدِّقْهُ، فَقَال الْحَطَّابُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُحْبَسُ إِنْ جُهِل حَالُهُ لِيَسْتَبِينَ أَمْرُهُ، وَلَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ عُسْرُهُ تُلُوِّمَ لَهُ ابْتِدَاءً. فَأَمَّا ظَاهِرُ الْمَلاَءَةِ (الْغِنَى) فَيُحْبَسُ إِلَى أَنْ يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِعُسْرِهِ، إِلاَّ أَنْ يَحْصُل لَهَا ضَرَرٌ بِطُول الْمُدَّةِ فَلَهَا طَلَبُ التَّطْلِيقِ. (١)
وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى فَسْخِ النِّكَاحِ بِإِعْسَارِ الزَّوْجِ بِمُعَجَّل الْمَهْرِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ قَالُوا: يَثْبُتُ لَهَا الْفَسْخُ بِالإِْعْسَارِ، وَلَمْ يَذْكُرُوا إِعْذَارًا، لَكِنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّ الْفَسْخَ لاَ يَكُونُ إِلاَّ مِنَ الْحَاكِمِ. (٢)
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى عَدَمِ قَبْضِ الزَّوْجَةِ مُعَجَّل مَهْرِهَا أَنَّهَا تَمْلِكُ أَنْ تَمْتَنِعَ عَنِ الدُّخُول فِي طَاعَتِهِ، وَلاَ تَكُونُ بِذَلِكَ نَاشِزَةً، وَلَيْسَ لَهُ حَبْسُهَا وَمَنْعُهَا مِنَ السَّفَرِ وَغَيْرِهِ.
وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلاَمِهِمْ أَنَّهُ يَسْتَوِي فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ سَبَبُ عَدَمِ الإِْقْبَاضِ الْعُسْرُ أَوْ غَيْرُهُ، لأَِنَّهُمْ ذَكَرُوا أَنَّ لَهَا الْمَنْعَ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ الْمُعَجَّل، فَيُفِيدُ الإِْطْلاَقَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَنَّ لَهَا الاِمْتِنَاعَ مُطْلَقًا فِي
_________
(١) حاشية الدسوقي ٢ / ٢٩٩ - ٣٠٠.
(٢) المجموع ١٥ / ٢٥٥ مكتبة الإرشاد، والمغني ٧ / ٥٧٩ ط الرياض.