الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٥

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٥ -

وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ الاِشْتِغَال بِغَيْرِ الذِّكْرِ وَالتِّلاَوَةِ وَالصَّلاَةِ مَكْرُوهٌ، أَمَّا هَذِهِ الثَّلاَثَةُ فَفِعْلُهَا مُسْتَحَبٌّ.

وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يُسْتَحَبُّ لَهُ اجْتِنَابُ مَا لاَ يَعْنِيهِ مِنْ جِدَالٍ وَمِرَاءٍ وَكَثْرَةِ كَلاَمٍ وَغَيْرِهِ، لِقَوْلِهِ ﵊ مِنْ حُسْنِ إِسْلاَمِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيهِ (١)، لأَِنَّهُ مَكْرُوهٌ فِي غَيْرِ الاِعْتِكَافِ فَفِيهِ أَوْلَى.

رَوَى الْخَلاَّل عَنْ عَطَاءٍ قَال: " كَانُوا يَكْرَهُونَ فُضُول الْكَلاَمِ، وَكَانُوا يَعُدُّونَ فُضُول الْكَلاَمِ: مَا عَدَا كِتَابَ اللَّهِ أَنْ تَقْرَأَهُ، أَوْ أَمْرًا بِمَعْرُوفٍ، أَوْ نَهْيًا عَنْ مُنْكَرٍ، أَوْ تَنْطِقُ فِي مَعِيشَتِكَ بِمَا لاَ بُدَّ لَكَ مِنْهُ " (٢) .

وَيُكْرَهُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ لِلْمُعْتَكِفِ الاِشْتِغَال بِتَدْرِيسِ الْعِلْمِ وَمُنَاظَرَةِ الْفُقَهَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ الْعِبَادَاتِ الَّتِي يَخْتَصُّ نَفْعُهَا بِهِ، لأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَعْتَكِفُ، فَلَمْ يُنْقَل عَنْهُ الاِشْتِغَال بِغَيْرِ الْعِبَادَاتِ الْمُخْتَصَّةِ بِهِ.

وَعِنْدَ ابْنِ وَهْبٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَأَبِي الْخَطَّابِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ اسْتِحْبَابُ ذَلِكَ لأَِنَّهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْبِرِّ إِذَا قَصَدَ الطَّاعَةَ لاَ الْمُبَاهَاةَ (٣) .

_________

(١) حديث: " من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه. . . " أخرجه الترمذي من حديث أبي هريرة ﵁ مرفوعا وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي ﷺ إلا من هذا الوجه. وأخرجه مالك والترمذي عن طريقه من حديث علي ب (تحفة الأحوذي ٦ / ٦٠٦ - ٦٠٩ نشر المكتبة السلفية، والموطأ للإمام مالك ٢ / ٩٠٣ ط عيسى الحلبي) .

(٢) ابن عابدين ٢ / ٤٤٩ - ٤٥٠، والدسوقي ١ / ٥٤٨، والجمل ٢ / ٣٦٤، وكشاف القناع ٢ / ٣٦٢.

(٣) الدسوقي ١ / ٥٤٨، وكشاف القناع ٢ / ٣٦٣ - ٣٦٤.