الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٥ -
الرَّجُل وَالْخُنْثَى إِلاَّ فِي مَسْجِدٍ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾ (١) وَلِلاِتِّبَاعِ، لأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمْ يَعْتَكِفْ إِلاَّ فِي الْمَسْجِدِ.
وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمَسَاجِدَ الثَّلاَثَةَ أَفْضَل مِنْ غَيْرِهَا، وَالْمَسْجِدُ الْحَرَامُ أَفْضَل، ثُمَّ الْمَسْجِدُ النَّبَوِيُّ، ثُمَّ الْمَسْجِدُ الأَْقْصَى.
وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمَسْجِدَ الْجَامِعَ يَصِحُّ فِيهِ الاِعْتِكَافُ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ بَعْدَ الْمَسَاجِدِ الثَّلاَثَةِ، وَيَجِبُ الاِعْتِكَافُ فِيهِ إِذَا نَذَرَ الاِعْتِكَافَ مُدَّةً تُصَادِفُهُ فِيهَا صَلاَةُ الْجُمُعَةِ، لِئَلاَّ يَحْتَاجَ إِلَى الْخُرُوجِ وَقْتَ صَلاَةِ الْجُمُعَةِ، إِلاَّ إِذَا اشْتُرِطَ الْخُرُوجُ لَهَا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ (٢) .
ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي الْمَسَاجِدِ الأُْخْرَى الَّتِي يَصِحُّ فِيهَا الاِعْتِكَافُ.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَصِحُّ الاِعْتِكَافُ إِلاَّ فِي مَسْجِدِ جَمَاعَةٍ.
وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لاَ يَصِحُّ الاِعْتِكَافُ إِلاَّ فِي مَسْجِدٍ تُقَامُ فِيهِ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، لأَِنَّ الاِعْتِكَافَ عِبَادَةُ انْتِظَارِ الصَّلاَةِ، فَيَخْتَصُّ بِمَكَانٍ يُصَلَّى فِيهِ، وَصَحَّحَهُ بَعْضُهُمْ.
وَقَال أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: يَصِحُّ فِي كُل مَسْجِدٍ وَصَحَّحَهُ السُّرُوجِيُّ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الاِعْتِكَافِ الْوَاجِبِ وَالْمَسْنُونِ، فَاشْتُرِطَ لِلاِعْتِكَافِ الْوَاجِبِ مَسْجِدُ الْجَمَاعَةِ، وَأَمَّا النَّفَل فَيَجُوزُ فِي أَيِّ مَسْجِدٍ
_________
(١) سورة البقرة / ١٨٧.
(٢) ابن عابدين ٢ / ٤٤١ ط الحلبي، وحاشية العدوي مع شرح أبي الحسن ١ / ٤١٠، والمجموع ٦ / ٤٨٣، ومغني المحتاج ١ / ٤٥٠، وكشاف القناع ٢ / ٣٥١ - ٣٥٢، والروضة ٢ / ٣٩٨.