الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٥ - تراجم الفقهاء - اعتصار - الحكم الإجمالي ومواطن البحث
وَالْحَبْسُ، وَمِنْهَا اسْتِخْرَاجُ عَصِيرِ الْعِنَبِ وَنَحْوِهِ.
وَاعْتَصَرَ الْعَطِيَّةَ: ارْتَجَعَهَا. وَمِنْهُ قَوْل عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ﵁: " إِنَّ الْوَالِدَ يَعْتَصِرُ وَلَدَهُ فِيمَا أَعْطَاهُ، وَلَيْسَ لِلْوَلَدِ أَنْ يَعْتَصِرَ مِنْ وَالِدِهِ (١)، فَشَبَّهَ أَخْذَ الْمَال مِنْهُ بِاسْتِخْرَاجِهِ مِنْ يَدِهِ بِالاِعْتِصَارِ (٢) .
أَمَّا اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ، فَهُوَ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: ارْتِجَاعُ الْمُعْطِي عَطِيَّتَهُ دُونَ عِوَضٍ لاَ بِطَوْعِ الْمُعْطِي (٣)، أَيْ بِغَيْرِ رِضَى الْمَوْهُوبِ لَهُ. وَالاِعْتِصَارُ شَائِعٌ فِي عِبَارَاتِ الْمَالِكِيَّةِ، أَمَّا غَيْرُهُمْ فَيُعَبِّرُونَ عَنْهُ بِالرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ.
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ وَمَوَاطِنُ الْبَحْثِ:
٢ - جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ الاِعْتِصَارَ (الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ) لَيْسَ مِنْ حَقِّ الْوَاهِبِ بَعْدَ الْقَبْضِ إِلاَّ لِلْوَالِدَيْنِ فِي الْجُمْلَةِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَلَهُمَا وَلِلأُْصُول عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ.
وَاسْتَدَل مَنْ مَنَعَ الرُّجُوعَ بِالْحَدِيثِ الثَّابِتِ، وَهُوَ قَوْلُهُ ﷺ: الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ (٤) وَاسْتَدَل لِلاِسْتِثْنَاءِ بِقَوْلِهِ ﷺ: لاَ يَحِل لِرَجُلٍ أَنْ
_________
(١) الأثر عن عمر ﵁ " إن الوالد يعتصر ولده. . إلخ. " أخرجه البيهقي من طريق عبد الرزاق بلفظ: " كتب عمر بن الخطاب ﵁: يقبض الرجل من ولده ما أعطاه، ما لم يمت أو يستهلك، أو يقع فيه بين ". (السنن الكبرى للبيهقي ٦ / ١٧٩) .
(٢) لسان العرب المحيط، المصباح المنير، المغرب في ترتيب المعرب (مادة عصر)، وأثر عمر: " إن الوالد. . . "
(٣) الحطاب ٦ / ٦٣، والشرح الصغير ٤ / ١٥١.
(٤) حديث: " العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه ". أخرجه البخاري من حديث ابن عباس ﵄ مرفوعا (فتح الباري ٢ / ٣٤٥ ط السلفية) .