الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٥

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٥ -

الْمُسْتَعِيرَ عَلَى تَحْصِيل الْمَنَافِعِ، وَصَرَفَهَا إِلَى نَفْسِهِ عَلَى وَجْهٍ زَالَتْ يَدُهُ عَنْهَا، وَالتَّسْلِيطُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ تَمْلِيكًا لاَ إِبَاحَةً، كَمَا فِي الأَْعْيَانِ.

وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَالْكَرْخِيِّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَذَهَبَ إِلَيْهِ إِسْحَاقُ أَنَّهَا تُفِيدُ إِبَاحَةَ الْمَنْفَعَةِ، وَذَلِكَ لِجَوَازِ الْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ أَجَلٍ، وَلَوْ كَانَ تَمْلِيكَ الْمَنْفَعَةِ لِمَا جَازَ مِنْ غَيْرِ أَجَلٍ كَالإِْجَارَةِ.

وَكَذَلِكَ الإِْعَارَةُ تَصِحُّ بِلَفْظِ الإِْبَاحَةِ، وَالتَّمْلِيكُ لاَ يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الإِْبَاحَةِ.

وَثَمَرَةُ الْخِلاَفِ تَظْهَرُ فِيمَا لَوْ أَعَارَ الْمُسْتَعِيرُ الشَّيْءَ الْمُسْتَعَارَ إِلَى مَنْ يَسْتَعْمِلُهُ كَاسْتِعْمَالِهِ، فَهَل تَصِحُّ إِعَارَتُهُ أَوْ لاَ تَصِحُّ؟ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ وَالْمُخْتَارُ مِنْ مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ إِعَارَتَهُ صَحِيحَةٌ، حَتَّى وَلَوْ قَيَّدَ الْمُعِيرُ الإِْعَارَةَ بِاسْتِعْمَال الْمُسْتَعِيرِ بِنَفْسِهِ، لأَِنَّ التَّقْيِيدَ بِمَا لاَ يَخْتَلِفُ غَيْرُ مُفِيدٍ. وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ لاَ يَجُوزُ.

وَفِي الْبَحْرِ: وَلِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُودِعَ، عَلَى الْمُفْتَى بِهِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ، وَصَحَّحَ بَعْضُهُمْ عَدَمَهُ، وَيَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ مَا لَوْ أَرْسَلَهَا عَلَى يَدِ أَجْنَبِيٍّ فَهَلَكَتْ ضَمِنَ عَلَى الْقَوْل الثَّانِي لاَ الأَْوَّل. فَلِلْمُعِيرِ أَجْرُ الْمِثْل.

وَيَتَرَتَّبُ عَلَى مَذْهَبِ الْقَائِلِينَ بِالإِْبَاحَةِ، وَهُمُ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالْكَرْخِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، أَنَّهُ لَوْ أَعَارَ الْمُسْتَعِيرُ الشَّيْءَ فَلِمَالِكِ الْعَارِيَّةِ أَجْرُ الْمِثْل، وَيُطَالَبُ الْمُسْتَعِيرَ الأَْوَّل أَوِ الثَّانِيَ أَيُّهُمَا شَاءَ، لأَِنَّ الْمُسْتَعِيرَ الأَْوَّل سَلَّطَ غَيْرَهُ عَلَى أَخْذِ مَال الْمُعِيرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ. وَلأَِنَّ الْمُسْتَعِيرَ الثَّانِي اسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ بِغَيْرِ إِذْنِ مَالِكِهَا. فَإِنْ ضَمَّنَ الْمَالِكُ الْمُسْتَعِيرَ الأَْوَّل رَجَعَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ الثَّانِي، لأَِنَّ الاِسْتِيفَاءَ حَصَل مِنْهُ