الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٥ - تراجم الفقهاء - إعارة - حكمها التكليفي
حُكْمُهَا التَّكْلِيفِيُّ:
٦ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ الإِْعَارَةِ بَعْدَ إِجْمَاعِهِمْ عَلَى جَوَازِهَا، فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّ حُكْمَهَا فِي الأَْصْل النَّدْبُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَافْعَلُوا الْخَيْرَ﴾ (١) وَقَوْل النَّبِيِّ ﷺ كُل مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ (٢) وَلَيْسَتْ وَاجِبَةً لأَِنَّهَا نَوْعٌ مِنَ الإِْحْسَانِ. لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: إِذَا أَدَّيْتَ زَكَاةَ مَالِكَ فَقَدْ قَضَيْتَ مَا عَلَيْكَ، (٣) وَقَوْلُهُ: لَيْسَ فِي الْمَال حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ (٤) وَقِيل: هِيَ وَاجِبَةٌ.
وَاسْتَدَل الْقَائِلُونَ بِالْوُجُوبِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ﴾ (٥) نُقِل عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنَّهَا عَارِيَّةَ الْقِدْرِ وَالدَّلْوِ وَنَحْوِهِمَا.
قَال صَاحِبُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ: وَقَدْ يَعْرِضُ لَهَا الْوُجُوبُ، كَغَنِيٍّ عَنْهَا، فَيَجِبُ إِعَارَةُ كُل مَا فِيهِ إِحْيَاءُ مُهْجَةٍ مُحْتَرَمَةٍ لاَ أُجْرَةَ لِمِثْلِهِ، وَكَذَا إِعَارَةُ سِكِّينٍ لِذَبْحِ مَأْكُولٍ يُخْشَى مَوْتُهُ، وَهَذَا الْمَنْقُول عَنِ
_________
(١) سورة الحج / ٧٧.
(٢) حديث " كل معروف صدقة " أخرجه البخاري (فتح الباري ١٠ / ٤٤٧ - ط السلفية) .
(٣) حديث " إذا أديت زكاة مالك. . . . " أخرجه الترمذي (تحفة الأحوذي ٣ / ٢٤٥، ٢٤٦ نشر السلفية) وابن ماجه (١ / ٥٧٠ - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة ﵁ مرفوعا، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
(٤) حديث " ليس في المال حق سوى الزكاة " أخرجه ابن ماجه (١ / ٥٧٠ - ط الحلبي) وأعله ابن حجر في التلخيص (٢ / ١٦٠ - ط دار المحاسن) .
(٥) سورة الماعون / ٤ - ٧.