الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٥ -
خَافَ الرَّفِيقُ جُوعًا أَوْ عَطَشًا تُرِكَ لَهُ بَعْضُهُ. (١)
وَلاَ يَحِل لَهُ أَنْ يَدْفَعَ الْجُوعَ أَوِ الْعَطَشَ بِالْمُحَرَّمَاتِ كَالْمَيْتَةِ وَالْخَمْرِ مَعَ وُجُودِ حَلاَلٍ مَمْلُوكٍ لِغَيْرِهِ لَيْسَ مُضْطَرًّا إِلَيْهِ، وَالْمُضْطَرُّ قَادِرٌ عَلَى أَخْذِهِ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ.
وَجَوَّزَ الْمَالِكِيَّةُ فِي هَذِهِ الْحَال مُقَاتَلَةَ صَاحِبِ الطَّعَامِ بِالسِّلاَحِ بَعْدَ الإِْنْذَارِ، بِأَنْ يُعْلِمَهُ الْمُضْطَرُّ أَنَّهُ مُضْطَرٌّ، وَأَنَّهُ إِنْ لَمْ يُعْطِهِ قَاتَلَهُ، فَإِنْ قَتَلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَدَمُهُ هَدَرٌ، لِوُجُوبِ بَذْل طَعَامِهِ لِلْمُضْطَرِّ، وَإِنْ قَتَلَهُ الآْخَرُ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ. (٢)
٩٨ - وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: لَوْ وَجَدَ الْمُضْطَرُّ طَعَامًا لِغَيْرِهِ. فَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ غَائِبًا وَلَمْ يَجِدِ الْمُضْطَرُّ سِوَاهُ، أَكَل مِنْهُ وَغَرِمَ عِنْدَ قُدْرَتِهِ مِثْلَهُ إِنْ كَانَ مِثْلِيًّا، وَقِيمَتَهُ إِنْ كَانَ قِيَمِيًّا، حِفْظًا لِحَقِّ الْمَالِكِ. فَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ حَاضِرًا، (٣) فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْحَاضِرُ مُضْطَرًّا أَيْضًا لَمْ يَلْزَمْهُ بَذْلُهُ لِلأَْوَّل إِنْ لَمْ يَفْضُل عَنْهُ، بَل هُوَ أَوْلَى، لِحَدِيثٍ: ابْدَأْ بِنَفْسِكَ. . . (٤)
لَكِنْ يَجُوزُ لَهُ إِيثَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ إِنْ كَانَ الأَْوَّل مُسْلِمًا مَعْصُومًا، وَاسْتَطَاعَ الثَّانِي الصَّبْرَ عَلَى التَّضْيِيقِ عَلَى نَفْسِهِ. فَإِنْ فَضَل بَعْدَ سَدِّ رَمَقِهِ شَيْءٌ لَزِمَهُ بَذْلُهُ لِلأَْوَّل.
_________
(١) حاشية ابن عابدين ٥ / ٢١٥ و٢٦٥ أما إن استعمل المالك سلاحا لمنعه من حقه فالظاهر أن للمضطر مقابلته حينئذ بالسلاح للدفاع عن نفسه (اللجنة) .
(٢) الشرح الصغير مع حاشية الصاوي ١ / ٣٢٣.
(٣) أي ولم يجد سواه ولو ميتة أيضا.
(٤) حديث: " ابدأ بنفسك. . . . " أخرجه مسلم (٢ / ٦٩٣ - ط الحلبي) والنسائي (٥ / ٧٠ - ط المكتبة التجارية) .