الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٥ -
وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ أَنَّهُ إِذَا خَرَجَ حَيًّا، وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْوَقْتِ مِقْدَارُ مَا يَقْدِرُ عَلَى ذَبْحِهِ فَمَاتَ يُؤْكَل، وَهُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِمَا: إِنَّ ذَكَاةَ الْجَنِينِ بِذَكَاةِ أُمِّهِ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ إِنْ سَارَعْنَا إِلَيْهِ بِالذَّكَاةِ فَمَاتَ قَبْلَهَا حَل، لأَِنَّ حَيَاتَهُ حِينَئِذٍ كَلاَ حَيَاةٍ، وَكَأَنَّهُ خَرَجَ مَيِّتًا بِذَكَاةِ أُمِّهِ، لَكِنَّهُمُ اشْتَرَطُوا فِي حِلِّهِ حِينَئِذٍ أَنْ يَنْبُتَ شَعْرُ جَسَدِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَكَامَل، وَلاَ يَكْفِي شَعْرُ رَأْسِهِ أَوْ عَيْنِهِ.
(الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ): أَنْ يَخْرُجَ مَيِّتًا، وَيُعْلَمُ أَنَّ مَوْتَهُ كَانَ قَبْل تَذْكِيَةِ أُمِّهِ، فَلاَ يَحِل اتِّفَاقًا، وَيُعْرَفُ مَوْتُهُ قَبْل ذَكَاةِ أُمِّهِ بِأُمُورٍ، مِنْهَا: أَنْ يَكُونَ مُتَحَرِّكًا فِي بَطْنِهَا فَتُضْرَبُ فَتَسْكُنُ حَرَكَتُهُ، ثُمَّ تُذَكَّى، فَيَخْرُجُ مَيِّتًا، وَمِنْهَا: أَنْ يُخْرِجَ رَأْسَهُ مَيِّتًا ثُمَّ تُذَكَّى.
(الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ): أَنْ يَخْرُجَ مَيِّتًا بَعْدَ تَذْكِيَةِ أُمِّهِ بِمُدَّةٍ لِتَوَانِي الْمُذَكِّي فِي إِخْرَاجِهِ فَلاَ يَحِل اتِّفَاقًا لِلشَّكِّ فِي أَنَّ مَوْتَهُ كَانَ بِتَذْكِيَةِ أُمِّهِ أَوْ بِالاِنْخِنَاقِ لِلتَّوَانِي فِي إِخْرَاجِهِ.
(الصُّورَةُ الْخَامِسَةُ): أَنْ يَخْرُجَ مَيِّتًا عَقِبَ تَذْكِيَةِ أُمِّهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعْلَمَ مَوْتُهُ قَبْل التَّذْكِيَةِ، فَيَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ مَوْتَهُ بِسَبَبِ التَّذْكِيَةِ لاَ بِسَبَبٍ آخَرَ. وَهَذِهِ الصُّورَةُ هِيَ مَحَل الْخِلاَفِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ. فَأَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ وَالْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ يَرَوْنَ أَنَّهُ لاَ يَحِل، وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ يَقُولُونَ: إِنَّهُ لاَ بَأْسَ بِأَكْلِهِ. غَيْرَ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ اشْتَرَطُوا الإِْشْعَارَ. وَهُوَ مَذْهَبُ كَثِيرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ.
وَحُجَّةُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَنْ مَعَهُ قَوْله تَعَالَى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾ وَالْجَنِينُ الَّذِي لَمْ يُدْرَكْ حَيًّا