الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٥

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٥ -

الْمَسْفُوحِ، وَسَمَّى مَا سِوَاهُ مَكْرُوهًا، لأَِنَّ الْحَرَامَ الْمُطْلَقَ مَا ثَبَتَتْ حُرْمَتُهُ بِدَلِيلٍ مَقْطُوعٍ بِهِ، وَحُرْمَةُ الدَّمِ الْمَسْفُوحِ قَدْ ثَبَتَتْ بِدَلِيلٍ مَقْطُوعٍ بِهِ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: ﴿قُل لاَ أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا. . .﴾ الآْيَةَ، وَانْعَقَدَ الإِْجْمَاعُ أَيْضًا عَلَى حُرْمَتِهِ. فَأَمَّا حُرْمَةُ مَا سِوَاهُ مِنَ الأَْجْزَاءِ فَلَمْ تَثْبُتْ بِدَلِيلٍ مَقْطُوعٍ بِهِ بَل بِالاِجْتِهَادِ، أَوْ بِظَاهِرِ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ الْمُحْتَمِل لِلتَّأْوِيل، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ﴾، أَوْ بِالْحَدِيثِ السَّابِقِ ذِكْرُهُ. لِذَلِكَ فَصَّل أَبُو حَنِيفَةَ بَيْنَهُمَا فِي الْوَصْفِ فَسَمَّى الدَّمَ حَرَامًا، وَالْبَاقِي مَكْرُوهًا.

وَقِيل: إِنَّ الْكَرَاهَةَ فِي الأَْجْزَاءِ السِّتَّةِ تَنْزِيهِيَّةٌ، لَكِنَّ الأَْوْجَهَ كَمَا فِي " الدُّرِّ الْمُخْتَارِ " أَنَّهَا تَحْرِيمِيَّةٌ. (١)

٧٨ - هَذَا، وَالدَّمُ الْمَسْفُوحُ مُتَّفَقٌ عَلَى تَحْرِيمِهِ كَمَا مَرَّ.

وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ اسْتِثْقَال أَكْل عَشْرَةٍ - دُونَ تَحْرِيمٍ - الأُْنْثَيَانِ وَالْعَسِيبُ وَالْغُدَّةُ وَالطِّحَال وَالْعُرُوقُ وَالْمَرَارَةُ وَالْكُلْيَتَانِ وَالْمَثَانَةُ وَأُذُنَا الْقَلْبِ. (٢)

٧٩ - وَالْحَنَابِلَةُ قَالُوا بِكَرَاهَةِ أَكْل الْغُدَّةِ وَأُذُنِ الْقَلْبِ. أَمَّا الْغُدَّةُ فَلأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَرِهَ أَكْلَهَا، رَوَى ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ أَبِيهِ.

وَأَمَّا أُذُنُ الْقَلْبِ فَلأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَنْ أَكْلِهَا،

_________

(١) البدائع ٥ / ٦١، والدر المختار مع حاشية ابن عابدين ٥ / ٤٧٧.

(٢) التاج والإكليل بهامش الحطاب ٣ / ٢٢٧.