الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٥ -
فَقَال الْكَاسَانِيُّ: إِنَّ الْجَلاَّلَةَ هِيَ الإِْبِل أَوِ الْبَقَرُ أَوِ الْغَنَمُ الَّتِي أَغْلَبُ أَكْلِهَا النَّجَاسَاتِ فَيُكْرَهُ أَكْلُهَا، لِمَا رُوِيَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ نَهَى عَنْ أَكْل لُحُومِ الإِْبِل الْجَلاَّلَةِ، (١) وَلأَِنَّهَا إِذَا كَانَ الْغَالِبُ مِنْ أَكْلِهَا النَّجَاسَاتِ يَتَغَيَّرُ لَحْمُهَا وَيُنْتِنُ، فَيُكْرَهُ أَكْلُهُ كَالطَّعَامِ الْمُنْتِنِ. وَرُوِيَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ نَهَى عَنِ الْجَلاَّلَةِ أَنْ تُشْرَبَ أَلْبَانُهَا. (٢) أَيْضًا، وَذَلِكَ لأَِنَّ لَحْمَهَا إِذَا تَغَيَّرَ يَتَغَيَّرُ لَبَنُهَا.
وَأَمَّا مَا رُوِيَ مِنَ النَّهْيِ عَنْ رُكُوبِهَا فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهَا أَنْتَنَتْ فَيَمْتَنِعُ مِنَ اسْتِعْمَالِهَا حَتَّى لاَ يَتَأَذَّى النَّاسُ بِنَتِنِهَا.
وَقِيل: لاَ يَحِل الاِنْتِفَاعُ بِهَا، وَلَوْ لِغَيْرِ الأَْكْل، وَالأَْوَّل هُوَ الأَْصَحُّ، لأَِنَّ النَّهْيَ لَيْسَ لِمَعْنًى يَرْجِعُ إِلَى ذَاتِهَا، بَل لِعَارِضٍ جَاوَرَهَا، فَكَانَ الاِنْتِفَاعُ بِهَا حَلاَلًا فِي ذَاتِهِ، مَمْنُوعًا لِغَيْرِهِ.
٧٠ - وَتَزُول الْكَرَاهِيَةُ بِحَبْسِهَا عَنْ أَكْل النَّجَاسَةِ وَعَلَفِهَا بِالْعَلَفِ الطَّاهِرِ.
وَهَل لِحَبْسِهَا تَقْدِيرٌ زَمَنِيٌّ، أَوْ لَيْسَ لَهُ تَقْدِيرٌ؟ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَال: كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ لاَ يُوَقِّتُ فِي حَبْسِهَا، وَقَال: تُحْبَسُ حَتَّى تَطِيبَ، وَهُوَ قَوْل
_________
(١) حديث: " أن رسول الله ﷺ نهى عن أكل لحوم الإبل الجلالة، أخرجه الدراقطني من حديث عبد الله بن عمر ﵄ بلفظ " نهى رسول الله ﷺ عن الإبل الجلالة أن يؤكل لحمها، ولا يشرب لبنها، ولا يحمل عليها إلا الأدم، ولا يذكيها وسنن البيهقي ٩ / ٣٣٣ ط الهند) .
(٢) حديث أن رسول الله صلى عليه وسلم " نهى عن الجلالة أن تشرب ألبانها " سبق تخريجه آنفا.