الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٥

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٥ -

الْبَابِ وَاخْتِلاَفِ السَّلَفِ، فَذَهَبُوا إِلَى كَرَاهَةِ الْخَيْل احْتِيَاطًا، وَلأَِنَّ فِي أَكْلِهَا تَقْلِيل آلَةِ الْجِهَادِ. (١)

٤٥ - وَبِنَاءً عَلَى الْكَرَاهَةِ التَّنْزِيهِيَّةِ يُقَرِّرُ الْحَنَفِيَّةُ: أَنَّ سُؤْرَ الْفَرَسِ وَلَبَنَهَا طَاهِرَانِ، لأَِنَّ كَرَاهَةَ أَكْل الْخَيْل لَيْسَتْ لِنَجَاسَتِهَا، بَل لاِحْتِرَامِهَا، لأَِنَّهَا آلَةُ الْجِهَادِ، وَفِي تَوْفِيرِهَا إِرْهَابُ الْعَدُوِّ، (٢) كَمَا يَقُول اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْل تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾ . (٣)

وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ عَنْهُ إِلَى الْكَرَاهَةِ التَّحْرِيمِيَّةِ، وَنَحْوُهُ قَوْلٌ لِلْمَالِكِيَّةِ بِالتَّحْرِيمِ، وَبِهِ جَزَمَ خَلِيلٌ فِي مُخْتَصَرِهِ. (٤)

وَحُجَّتُهُمْ قَوْل اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَالْخَيْل وَالْبِغَال وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً﴾ (٥) فَالاِقْتِصَارُ عَلَى الرُّكُوبِ وَالزِّينَةِ يَدُل عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مَأْكُولَةً، إِذْ لَوْ كَانَتْ مَأْكُولَةً لَقَال: وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ، كَمَا قَال قَبْل ذَلِكَ: ﴿وَالأَْنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ﴾ . وَكَذَا الْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَنْ أَكْل لُحُومِ الْخَيْل وَالْبِغَال وَالْحَمِيرِ، وَكُل ذِي نَابٍ مِنَ

_________

(١) البدائع ٥ / ٣٨ - ٣٩، وحاشية ابن عابدين ١ / ١٤٨ و٥ / ١٩٣، ونهاية المحتاج ٨ / ١٤٣، والمقنع ٣ / ٥٢٨، والمغني مع الشرح الكبير ١١ / ٦٦، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي ٢ / ١١٧، وحاشيتا الرهوني وكنون ٣ / ٣٩.

(٢) الدر المختار بحاشية رد المختار ٥ / ١٩٣ - ١٩٤، ونقل هنا في رد المحتار عن الطحطاوي أن الخلاف في خيل البر، أما خيل البحر فلا تؤكل عند الحنفية اتفاقا.

(٣) سورة الأنفال / ٦٠.

(٤) ابن عابدين ٥ / ١٩٣، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي ٢ / ١١٧.

(٥) سورة النحل / ٨.