الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٥ - تراجم الفقهاء - أضحية - هل يقوم غير الأضحية من الصدقات مقامها
فَأَرَادَ الْوَارِثُ أَوْ غَيْرُهُ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْهُ مِنْ مَال نَفْسِهِ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى جَوَازِ التَّضْحِيَةِ عَنْهُ، إِلاَّ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ أَجَازُوا ذَلِكَ مَعَ الْكَرَاهَةِ. وَإِنَّمَا أَجَازُوهُ لأَِنَّ الْمَوْتَ لاَ يَمْنَعُ التَّقَرُّبَ عَنِ الْمَيِّتِ كَمَا فِي الصَّدَقَةِ وَالْحَجِّ.
وَقَدْ صَحَّ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَحَدُهُمَا عَنْ نَفْسِهِ، وَالآْخَرُ عَمَّنْ لَمْ يُضَحِّ مِنْ أُمَّتِهِ. (١) وَعَلَى هَذَا لَوِ اشْتَرَكَ سَبْعَةٌ فِي بَدَنَةٍ فَمَاتَ أَحَدُهُمْ قَبْل الذَّبْحِ، فَقَال وَرَثَتُهُ - وَكَانُوا بَالِغِينَ - اذْبَحُوا عَنْهُ، جَازَ ذَلِكَ. وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الذَّبْحَ عَنِ الْمَيِّتِ لاَ يَجُوزُ بِغَيْرِ وَصِيَّةٍ أَوْ وَقْفٍ. (٢)
هَل يَقُومُ غَيْرُ الأُْضْحِيَّةِ مِنَ الصَّدَقَاتِ مَقَامَهَا؟
٦٧ - لاَ يَقُومُ غَيْرُ الأُْضْحِيَّةِ مِنَ الصَّدَقَاتِ مَقَامَهَا حَتَّى لَوْ تَصَدَّقَ إِنْسَانٌ بِشَاةٍ حَيَّةٍ أَوْ بِقِيمَتِهَا فِي أَيَّامِ النَّحْرِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُغْنِيًا لَهُ عَنِ الأُْضْحِيَّةِ، لاَ سِيَّمَا إِذَا كَانَتْ وَاجِبَةً، وَذَلِكَ أَنَّ الْوُجُوبَ تَعَلَّقَ بِإِرَاقَةِ الدَّمِ، وَالأَْصْل أَنَّ الْوُجُوبَ إِذَا تَعَلَّقَ بِفِعْلٍ مُعَيَّنٍ لاَ يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ كَالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ بِخِلاَفِ الزَّكَاةِ، فَإِنَّ الْوَاجِبَ فِيهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالصَّاحِبَيْنِ أَدَاءُ مَالٍ يَكُونُ جُزْءًا مِنَ النِّصَابِ أَوْ مِثْلَهُ، لِيَنْتَفِعَ بِهِ
_________
(١) حديث: " ضحى رسول الله ﷺ بكبشين. . . . . . " أخرجه أبو يعلى والبيهقي (٩ / ٢٦٨)، وقال الهيثمي: إسناده حسن (٤ / ٢٢ - ط القدسي) .
(٢) البدائع ٥ / ٧٢، وتنوير الأبصار مع شرحه الدر المختار وحاشية ابن عابدين ٥ / ٢١٤، وحاشية الدسوقي ٢ / ١٢٢، ١٢٣، وحاشية البجيرمي على المنهج ٤ / ٣٠٠، ونهاية المحتاج ٨ / ١٣٦، والمغني على الشرح الكبير ١١ / ١٠٧، ومطالب أولي النهى ٢ / ٤٧٢.