الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٥ -
جَعَلْتُ هَذِهِ أُضْحِيَّةً.
وَإِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ، لأَِنَّهُ عَيَّنَهَا لِلْقُرْبَةِ فَلاَ يَحِل الاِنْتِفَاعُ بِهَا قَبْل إِقَامَةِ الْقُرْبَةِ فِيهَا، كَمَا لاَ يَحِل لَهُ الاِنْتِفَاعُ بِلَحْمِهَا إِذَا ذَبَحَهَا قَبْل وَقْتِهَا، وَلأَِنَّ الْحَلْبَ وَالْجَزَّ يُوجِبَانِ نَقْصًا فِيهَا وَالأُْضْحِيَّةُ يَمْتَنِعُ إِدْخَال النَّقْصِ فِيهَا.
وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمُ الشَّاةَ الَّتِي اشْتَرَاهَا الْمُوسِرُ بِنِيَّةِ التَّضْحِيَةِ، لأَِنَّ شِرَاءَهُ إِيَّاهَا لَمْ يَجْعَلْهَا وَاجِبَةً، إِذِ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ شَاةٌ فِي ذِمَّتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَهَذَا الاِسْتِثْنَاءُ ضَعِيفٌ، فَإِنَّهَا مُتَعَيَّنَةٌ لِلْقُرْبَةِ مَا لَمْ يَقُمْ غَيْرُهَا مَقَامَهَا، فَقَبْل أَنْ يَذْبَحَ غَيْرَهَا بَدَلًا مِنْهَا لاَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْلُبَهَا، وَلاَ أَنْ يَجُزَّ صُوفَهَا لِلاِنْتِفَاعِ بِهِ.
وَلِهَذَا لاَ يَحِل لَهُ لَحْمُهَا إِذَا ذَبَحَهَا قَبْل وَقْتِهَا. فَإِنْ كَانَ فِي ضَرْعِ الأُْضْحِيَّةِ الْمُعَيَّنَةِ لَبَنٌ وَهُوَ يَخَافُ عَلَيْهَا الضَّرَرَ وَالْهَلاَكَ إِنْ لَمْ يَحْلُبْهَا نَضَحَ ضَرْعَهَا بِالْمَاءِ الْبَارِدِ حَتَّى يَتَقَلَّصَ اللَّبَنُ، لأَِنَّهُ لاَ سَبِيل إِلَى الْحَلْبِ.
فَإِنْ حَلَبَهُ تَصَدَّقَ بِاللَّبَنِ، لأَِنَّهُ جُزْءٌ مِنْ شَاةٍ مُتَعَيِّنَةٍ لِلْقُرْبَةِ.
فَإِنْ لَمْ يَتَصَدَّقْ بِهِ حَتَّى تَلِفَ أَوْ شَرِبَهُ مَثَلًا وَجَبَ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِمِثْلِهِ أَوْ بِقِيمَتِهِ.
وَمَا قِيل فِي اللَّبَنِ يُقَال فِي الصُّوفِ وَالشَّعْرِ وَالْوَبَرِ. (١)
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: (٢) يُكْرَهُ - أَيْ تَنْزِيهًا - شُرْبُ لَبَنِ الأُْضْحِيَّةِ بِمُجَرَّدِ شِرَائِهَا أَوْ تَعْيِينِهَا مِنْ بَيْنِ بَهَائِمِهِ
_________
(١) البدائع ٥ / ٧٦، والفتاوى ٥ / ٢٠١.
(٢) الدسوقي ٢ / ١٢٣، والشرح الصغير ٢ / ١٤٦ ط دار المعارف.