الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٥

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٥ -

الْوُجُوبِ فَإِنَّ شِرَاءَهَا لاَ يُوجِبُهَا كَمَا تَقَدَّمَ، فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُشْرِكَ فِيهَا مَعَهُ سِتَّةً أَوْ أَقَل يُرِيدُونَ الْقُرْبَةَ، لَكِنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ لأَِنَّهُ لَمَّا اشْتَرَاهَا بِنِيَّةِ التَّضْحِيَةِ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ وَعْدًا أَنْ يُضَحِّيَ بِهَا كُلَّهَا عَنْ نَفْسِهِ، وَإِخْلاَفُ الْوَعْدِ مَكْرُوهٌ، وَيَنْبَغِي فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَهُ مِمَّنْ أَشْرَكَهُمْ مَعَهُ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ دَفَعَ إِلَى حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ ﵁ دِينَارًا، وَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ أُضْحِيَّةً، فَاشْتَرَى شَاةً وَبَاعَهَا بِدِينَارَيْنِ، وَاشْتَرَى بِأَحَدِهِمَا شَاةً وَجَاءَ النَّبِيَّ ﵊ بِشَاةٍ وَدِينَارٍ، وَأَخْبَرَهُ بِمَا صَنَعَ، فَأَمَرَهُ ﵊ أَنْ يُضَحِّيَ بِالشَّاةِ، وَيَتَصَدَّقَ بِالدِّينَارِ (١) هَذَا كُلُّهُ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ. (٢)

وَخَالَفَهُمُ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فَأَجَازُوا أَنْ يَشْتَرِكَ مُرِيدُ التَّضْحِيَةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنَ الْقُرُبَاتِ مَعَ مُرِيدِ اللَّحْمِ، حَتَّى لَوْ كَانَ لِمُرِيدِ التَّضْحِيَةِ سُبْعُ الْبَدَنَةِ، وَلِمُرِيدِ الْهَدْيِ سُبْعُهَا، وَلِمُرِيدِ الْعَقِيقَةِ سُبْعُهَا، وَلِمُرِيدِ اللَّحْمِ بَاقِيهَا، فَذُبِحَتْ بِهَذِهِ النِّيَّاتِ جَازَ، لأَِنَّ

_________

(١) حديث حكيم بن حزام ﵁ أخرجه الترمذي وأبو داود بهذا المعنى. أما حديث الترمذي فمنقطع لعدم سماع حبيب من حكيم. كما أن في إسناد أبي داود راويا مجهولا. وأخرج البخاري القصة من حديث عروة، وليس فيه ذكر التصدق، وقال ابن حجر: له متابع عند أحمد وأبي دا وعون المعبود ٣ / ٢٦٤ - ٢٦٦ ط الهند، وفتح الباري ٦ / ٦٣٢ - ٦٣٥ ط السلفية، ونيل الأوطار ٦ / ٥ - ٦ ط دار الجيل) .

(٢) البدائع ٥ / ٧١ - ٧٢، حاشية ابن عابدين على الدر المختار ٥ / ٢٠١.