الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٥ -
وَإِذَا كَانَتْ وَاجِبَةً بِالشَّرْعِ (عِنْدَ مَنْ يَقُول بِذَلِكَ) فَشُرُوطُ وُجُوبِهَا أَرْبَعَةٌ، وَزَادَ مُحَمَّدٌ وَزُفَرُ شَرْطَيْنِ، وَهَذِهِ الشُّرُوطُ أَوْ بَعْضُهَا مُشْتَرَطَةٌ فِي سُنِّيَّتِهَا أَيْضًا عِنْدَ مَنْ قَال بِعَدَمِ الْوُجُوبِ، وَزَادَ الْمَالِكِيَّةُ شَرْطًا فِي سُنِّيَّتِهَا، وَبَيَانُ ذَلِكَ كَمَا يَلِي: ١٤ - (الشَّرْطُ الأَْوَّل): الإِْسْلاَمُ، فَلاَ تَجِبُ عَلَى الْكَافِرِ، وَلاَ تُسَنُّ لَهُ، لأَِنَّهَا قُرْبَةٌ، وَالْكَافِرُ لَيْسَ مِنْ أَهْل الْقُرَبِ، وَلاَ يُشْتَرَطُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وُجُودُ الإِْسْلاَمِ فِي جَمِيعِ الْوَقْتِ الَّذِي تُجْزِئُ فِيهِ التَّضْحِيَةُ، بَل يَكْفِي وُجُودُهُ آخِرَ الْوَقْتِ، لأَِنَّ وَقْتَ الْوُجُوبِ يَفْضُل عَنْ أَدَاءِ الْوَاجِبِ، فَيَكْفِي فِي وُجُوبِهَا بَقَاءُ جُزْءٍ مِنَ الْوَقْتِ كَالصَّلاَةِ، وَكَذَا يُقَال فِي جَمِيعِ الشُّرُوطِ الآْتِيَةِ، وَهَذَا الشَّرْطُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْقَائِلِينَ بِالْوُجُوبِ وَالْقَائِلِينَ بِالسُّنِّيَّةِ، بَل إِنَّهُ أَيْضًا شَرْطٌ لِلتَّطَوُّعِ. ١٥ - (الشَّرْطُ الثَّانِي): الإِْقَامَةُ، فَلاَ تَجِبُ عَلَى الْمُسَافِرِ، لأَِنَّهَا لاَ تَتَأَدَّى بِكُل مَالٍ وَلاَ فِي كُل زَمَانٍ، بَل بِحَيَوَانٍ مَخْصُوصٍ فِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ، وَالْمُسَافِرُ لاَ يَظْفَرُ بِهِ فِي كُل مَكَانٍ فِي وَقْتِ التَّضْحِيَةِ، فَلَوْ أَوْجَبْنَاهَا عَلَيْهِ لاَحْتَاجَ لِحَمْل الأُْضْحِيَّةِ مَعَ نَفْسِهِ، وَفِيهِ مِنَ الْحَرَجِ مَا لاَ يَخْفَى، أَوِ احْتَاجَ إِلَى تَرْكِ السَّفَرِ، وَفِيهِ ضَرَرٌ، فَدَعَتِ الضَّرُورَةُ إِلَى امْتِنَاعِ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ، بِخِلاَفِ الْمُقِيمِ وَلَوْ كَانَ حَاجًّا، لِمَا رَوَى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ أَنَّهُ كَانَ يُخَلِّفُ لِمَنْ لَمْ يَحُجَّ مِنْ أَهْلِهِ أَثْمَانَ الضَّحَايَا، وَذَلِكَ لِيُضَحُّوا عَنْهُ تَطَوُّعًا (١) . وَيُحْتَمَل أَنَّهُ لِيُضَحُّوا عَنْ أَنْفُسِهِمْ لاَ عَنْهُ، فَلاَ يَثْبُتُ الْوُجُوبُ مَعَ الاِحْتِمَال.
_________
(١) والأثر عن ابن عمر ﵄.