الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٥ -
التَّضْحِيَةِ، وَالْوَعِيدُ إِنَّمَا يَكُونُ عَلَى تَرْكِ الْوَاجِبِ. وَبِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: ﴿مَنْ ذَبَحَ قَبْل الصَّلاَةِ فَلْيَذْبَحْ شَاةً مَكَانَهَا، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ ذَبَحَ فَلْيَذْبَحْ عَلَى اسْمِ اللَّهِ﴾، (١) فَإِنَّهُ أَمَرَ بِذَبْحِ الأُْضْحِيَّةِ وَبِإِعَادَتِهَا إِذَا ذُكِّيَتْ قَبْل الصَّلاَةِ، وَذَلِكَ دَلِيل الْوُجُوبِ. (٢) ثُمَّ إِنَّ الْحَنَفِيَّةَ الْقَائِلِينَ بِالْوُجُوبِ يَقُولُونَ: إِنَّهَا وَاجِبَةٌ عَيْنًا عَلَى كُل مَنْ وُجِدَتْ فِيهِ شَرَائِطُ الْوُجُوبِ. فَالأُْضْحِيَّةُ الْوَاحِدَةُ كَالشَّاةِ وَسُبْعِ الْبَقَرَةِ وَسُبْعِ الْبَدَنَةِ إِنَّمَا تُجْزِئُ عَنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ. ٩ - وَأَمَّا الْقَائِلُونَ بِالسُّنِّيَّةِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُول: إِنَّهَا سُنَّةُ عَيْنٍ أَيْضًا، كَالْقَوْل الْمَرْوِيِّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فَعِنْدَهُ لاَ يُجْزِئُ الأُْضْحِيَّةُ الْوَاحِدَةُ عَنِ الشَّخْصِ وَأَهْل بَيْتِهِ أَوْ غَيْرِهِمْ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُول: إِنَّهَا سُنَّةُ عَيْنٍ وَلَوْ حُكْمًا، بِمَعْنَى أَنَّ كُل وَاحِدٍ مُطَالَبٌ بِهَا، وَإِذَا فَعَلَهَا وَاحِدٌ بِنِيَّةِ نَفْسِهِ وَحْدَهُ لَمْ تَقَعْ إِلاَّ عَنْهُ، وَإِذَا فَعَلَهَا بِنِيَّةِ إِشْرَاكِ غَيْرِهِ فِي الثَّوَابِ، أَوْ بِنِيَّةِ كَوْنِهَا لِغَيْرِهِ أَسْقَطَتِ الطَّلَبَ عَمَّنْ أَشْرَكَهُمْ أَوْ أَوْقَعَهَا عَنْهُمْ. وَهَذَا رَأْيُ الْمَالِكِيَّةِ، وَإِيضَاحُهُ أَنَّ الشَّخْصَ إِذَا ضَحَّى نَاوِيًا نَفْسَهُ فَقَطْ سَقَطَ الطَّلَبُ عَنْهُ، وَإِذَا ضَحَّى نَاوِيًا نَفْسَهُ وَأَبَوَيْهِ الْفَقِيرَيْنِ وَأَوْلاَدَهُ الصِّغَارَ، وَقَعَتِ التَّضْحِيَةُ عَنْهُمْ، وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُشْرِكَ غَيْرَهُ فِي الثَّوَابِ - قَبْل الذَّبْحِ - وَلَوْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ بِثَلاَثِ شَرَائِطَ: (الأُْولَى): أَنْ يَسْكُنَ مَعَهُ.
_________
(١) حديث: " من ذبح قبل الصلاة. . . . " أخرجه مسلم (٣ / ١٥٥١ - ط الحلبي) .
(٢) بدائع الصنائع ٥ / ٦٢.