الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٥ -
بِالْحُكْمِ فَإِنَّ الْفَاعِل يَكُونُ آثِمًا إِذَا كَانَ عَلَى مَعْصِيَةٍ، وَيَتَضَاعَفُ إِثْمُهُ بِمِقْدَارِ مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ جُرْمٍ، لأَِنَّ الإِْصْرَارَ عَلَى الصَّغِيرَةِ كَبِيرَةٌ، وَالإِْصْرَارُ عَلَى الْكَبَائِرِ يُؤَدِّي إِلَى عِظَمِ ذَنْبِهَا وَزِيَادَةِ وِزْرِهَا. (١) وَأَمَّا إِذَا كَانَ الإِْصْرَارُ عَلَى غَيْرِ مَعْصِيَةٍ، فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَنْدُوبًا إِلَيْهِ، كَالإِْصْرَارِ عَلَى عَدَمِ إِفْشَاءِ أَسْرَارِ الْمُسْلِمِينَ لِلْعَدُوِّ رَغْمَ مَا يُلاَقِيهِ مِنْ عَنَتِ الأَْعْدَاءِ.
وَقَدْ يَكُونُ وَاجِبًا، كَالْمُدَاوَمَةِ عَلَى فِعْل الطَّاعَاتِ وَتَرْكِ الْمَعَاصِي.
أَمَّا الإِْصْرَارُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ دُونَ تَحَقُّقِهَا فَفِيهِ رَأْيَانِ:
الأَْوَّل: يُؤَاخَذُ بِهِ الإِْنْسَانُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾، (٢) وَقَوْلُهُ ﵊: إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِل وَالْمَقْتُول فِي النَّارِ. قَالُوا: يَا رَسُول اللَّهِ هَذَا الْقَاتِل فَمَا بَال الْمَقْتُول، قَال: إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْل صَاحِبِهِ. (٣)
الثَّانِي: لاَ يُؤَاخَذُ بِهِ الإِْنْسَانُ، لِقَوْلِهِ ﷺ: مَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا لَمْ تُكْتَبْ عَلَيْهِ، فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ عَلَيْهِ سَيِّئَةٌ وَاحِدَةٌ (٤)
_________
(١) طهارة القلوب للدريني ص ١١٢، والقليوبي ٢ / ٩٤، والفخر الرازي ٩ / ١١.
(٢) سورة الحج / ٢٥.
(٣) حديث: " إذا التقى المسلمان. . . . . " أخرجه البخاري (الفتح ١ / ٨٥ ط السلفية) وأخرجه مسلم (٤ / ٢٢١٣ - ٢٢١٤ ط الحلبي) بلفظ مقارب.
(٤) حديث: " من هم بسيئة. . . . " أخرجه البخاري من حديث ابن عباس ﵄ مرفوعا بلفظ: " من هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هو هم بها فعملها كتبها الله له سيئة واحدة " (فتح الباري ١١ / ٣٢٣ ط السلفية) .