الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٥ -
وَأَمَّا الْقُرْعَةُ فَقَطَعَ الْجُمْهُورُ بِأَنَّهَا لاَ تَجِيءُ أَيْضًا كَمَا قَطَعَ بِهِ الشِّيرَازِيُّ، وَحَكَىَ صَاحِبُ الْمُذْهَبِ وَجْهًا: أَنَّهُ يُقْرِعُ وَيَتَوَضَّأُ بِمَا اقْتَضَتِ الْقَرْعَةُ طَهَارَتَهُ وَهُوَ شَاذٌّ ضَعِيفٌ. وَأَمَّا الْوَقْفُ فَقَدْ جَزَمَ الشِّيرَازِيُّ بِأَنَّهُ لاَ يَجِيءُ، وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ مَجِيءُ الْوَقْفِ.
فَعَلَى هَذَا يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي وَيُعِيدُ الصَّلاَةَ لأَِنَّهُ تَيَمَّمَ وَمَعَهُ مَاءٌ مَحْكُومٌ بِطَهَارَتِهِ، وَوَجْهُ جَرَيَانِ الْوَقْفِ أَنَّهُ لَيْسَ هُنَا مَا يَمْنَعُهُ بِخِلاَفِ الْقِسْمَةِ وَالْقُرْعَةِ، وَوَجْهُ قَوْل الشِّيرَازِيِّ: لاَ يَجِيءُ الْوَقْفُ، الْقِيَاسُ عَلَى مَنِ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ إِنَاءَانِ وَاجْتَهَدَ وَتَحَيَّرَ فِيهِمَا فَإِنَّهُ يُرِيقُهُمَا وَيُصَلِّي بِالتَّيَمُّمِ بِلاَ إِعَادَةٍ لأَِنَّهُ مَعْذُورٌ فِي الإِْرَاقَةِ وَلَمْ يَقُولُوا بِالْوَقْفِ، فَكَذَا هُنَا. (١)
وَصَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّهُ إِنْ أَخَبْرَهُ أَنَّ كَلْبًا وَلَغَ فِي هَذَا الإِْنَاءِ لَزِمَ قَبُول خَبَرِهِ، سَوَاءٌ كَانَ بَصِيرًا أَوْ ضَرِيرًا؛ لأَِنَّ لِلضَّرِيرِ طَرِيقًا إِلَى الْعِلْمِ بِذَلِكَ بِالْخَبَرِ وَالْحِسِّ. وَإِنْ أَخْبَرَهُ أَنَّ كَلْبًا وَلَغَ فِي هَذَا الإِْنَاءِ وَلَمْ يَلْغُ فِي هَذَا. وَقَال آخَرُ: لَمْ يَلْغُ فِي الأَْوَّل وَإِنَّمَا وَلَغَ فِي الثَّانِي، وَجَبَ اجْتِنَابُهُمَا، فَيُقْبَل قَوْل كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الإِْثْبَاتِ دُونَ النَّفْيِ؛ لأَِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَعْلَمَ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا خَفِيَ عَلَى الآْخَرِ، إِلاَّ أَنْ يُعِيِّنَا وَقْتًا مُعَيَّنًا وَكَلْبًا
_________
(١) المجموع ١ ١٧٨.