الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٥

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٥ -

وَقَال الْحَنَابِلَةُ وَزُفَرُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: لاَ يَصِحُّ أَنْ يَبِيعَ وَلِيُّ الْمَحْجُورِ مِنْ مَال الْمَحْجُورِ لِنَفْسِهِ أَوْ يَشْتَرِيَ مِنْ مَالِهِ لِنَفْسِهِ لأَِنَّهُ مَظِنَّةُ التُّهْمَةِ، إِلاَّ الأَْبُ فَإِنَّ لَهُ ذَلِكَ، وَيَلِي طَرَفَيِ الْعَقْدِ، لأَِنَّهُ يَلِي بِنَفْسِهِ، وَالتُّهْمَةُ مُنْتَفِيَةٌ بَيْنَ الْوَالِدِ وَوَلَدِهِ، إِذْ مِنْ طَبْعِهِ الشَّفَقَةُ عَلَيْهِ وَالْمَيْل إِلَيْهِ، وَتَرْكُ حَظِّ نَفْسِهِ لِحَظِّهِ، بِخِلاَفِ غَيْرِهِ. (١)

وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لِلأَْبِ شِرَاءُ مَال وَلَدِهِ لِنَفْسِهِ وَبَيْعُ مَالِهِ لِوَلَدِهِ بِمِثْل الْقِيمَةِ أَوْ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ، فَإِنِ اشْتَرَى مَال وَلَدِهِ فَلاَ يَبْرَأُ عَنِ الثَّمَنِ حَتَّى يُنَصِّبَ الْقَاضِي لِوَلَدِهِ وَصِيًّا يَأْخُذُ الثَّمَنَ مِنْ أَبِيهِ، ثُمَّ يَرُدُّهُ عَلَيْهِ لِيَحْفَظَهُ لِلصَّغِيرِ، دَفْعًا لِلتُّهْمَةِ عَنِ الأَْبِ. وَإِنْ بَاعَ مَال نَفْسِهِ لِوَلَدِهِ، فَلاَ يَصِيرُ قَابِضًا لَهُ بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ، بَل لاَ بُدَّ مِنَ التَّمَكُّنِ مِنْ قَبْضِهِ حَقِيقَةً، حَتَّى لَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ قَبْل التَّمَكُّنِ مِنْ قَبْضِهِ بِأَنْ كَانَ فِي بَلَدٍ آخَرَ فَلَمْ يَحْضُرْ لِتَسَلُّمِهِ بِالنِّيَابَةِ عَنْ وَلَدِهِ فَإِنَّهُ يَهْلِكُ عَلَى الأَْبِ لاَ عَلَى الْوَلَدِ. وَيَجُوزُ لِوَصِيِّ الأَْبِ أَنْ يَبِيعَ مَال نَفْسِهِ لِلْيَتِيمِ، وَأَنْ يَشْتَرِيَ لِنَفْسِهِ مَال الْيَتِيمِ إِنْ كَانَ فِيهِ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لاَ يَجُوزُ.

أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ خَيْرًا لَهُ، بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ نَفْعٌ ظَاهِرٌ، فَلاَ يَجُوزُ بِاتِّفَاقِ الْحَنَفِيَّةِ.

_________

(١) شرح منتهى الإرادات ٢ ٢٩٢، وبدائع الصنائع ٥ ١٣٦.