الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٤

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٤ -

الضَّرُورِيَّةِ وَغَيْرِ الضَّرُورِيَّةِ، فَإِذَا كَانَتِ الْعِمَارَةُ ضَرُورِيَّةً وَاحْتِيجَ إِلَيْهَا كَرَفْعِ سَقْفٍ أَوْ بِنَاءِ جِدَارٍ فَإِنَّهَا تُقَدَّمُ عَلَى جَمِيعِ جِهَاتِ الْمَصَارِفِ، إِذْ لَيْسَ مِنَ النَّظَرِ خَرَابُ الْمَسْجِدِ لأَِجْل مَا يُعْطَى لِلإِْمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ، فَإِنْ فَضَل عَنِ التَّعْمِيرِ شَيْءٌ يُعْطَى مَا كَانَ أَقْرَبَ إِلَيْهِ مِمَّا فِي قَطْعِهِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ، وَإِنْ كَانَتِ الْعِمَارَةُ غَيْرَ ضَرُورِيَّةٍ بِحَيْثُ لاَ يُؤَدِّي تَرْكُهَا إِلَى خَرَابِ الْعَيْنِ لَوْ أَخَّرَ الْعِمَارَةَ إِلَى غَلَّةِ السَّنَةِ الْقَادِمَةِ فَيُقَدَّمُ الأَْهَمُّ فَالأَْهَمُّ (١) .

وَفِي الْبَحْرِ عَنِ الْخَانِيَّةِ: إِذَا اجْتَمَعَ مِنْ غَلَّةِ الأَْرْضِ فِي يَدِ الْقَيِّمِ، فَظَهَرَ لَهُ وَجْهٌ مِنْ وُجُوهِ الْبِرِّ نَحْوُ فَكِّ أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ أَوْ إِعَانَةِ الْغَازِي الْمُنْقَطِعِ، وَكَانَ الْوَقْفُ مُحْتَاجًا إِلَى الإِْصْلاَحِ وَالْعِمَارَةِ، وَيَخَافُ الْقَيِّمُ لَوْ صَرَفَ الْغَلَّةَ إِلَى الْعِمَارَةِ يُفَوِّتُ ذَلِكَ الْبِرَّ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ: إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي تَأْخِيرِ إِصْلاَحِ الأَْرْضِ وَمَرَمَّتِهِ إِلَى الْغَلَّةِ الثَّانِيَةِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ يُخَافُ خَرَابُ الْوَقْفِ فَإِنَّهُ يَصْرِفُ الْغَلَّةَ إِلَى ذَلِكَ الْبِرِّ، وَتُؤَخَّرُ الْمَرَمَّةُ إِلَى الْغَلَّةِ الثَّانِيَةِ.

وَإِنْ كَانَ فِي تَأْخِيرِ الْمَرَمَّةِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ فَإِنَّهُ يَصْرِفُ الْغَلَّةَ إِلَى الْمَرَمَّةِ، فَإِنْ فَضَل شَيْءٌ يُصْرَفُ إِلَى ذَلِكَ الْبِرِّ. قَال ابْنُ نُجَيْمٍ: وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ يَجُوزُ الصَّرْفُ إِلَى الْمُسْتَحِقِّينَ وَتَأْخِيرُ الْعِمَارَةِ إِلَى الْغَلَّةِ الثَّانِيَةِ إِذَا لَمْ يُخَفْ ضَرَرٌ بَيِّنٌ.

_________

(١) الدر المختار وحاشية ابن عابدين ٣ / ٣٧٧ - ٣٧٩.