الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٤ -
كَانَ الْوَقْفُ عَلَى قَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ فَحَصَل لِبَعْضِهِمْ مِنَ الثَّمَرَةِ أَوِ الْحَبِّ نِصَابٌ فَفِيهِ الزَّكَاةُ، لأَِنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِمْ يَمْلِكُونَ الثِّمَارَ وَالْغَلَّةَ مِلْكًا تَامًّا وَيَتَصَرَّفُونَ فِيهِ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِ التَّصَرُّفِ فَمَتَى حَصَل لأَِحَدِهِمْ نِصَابٌ وَجَبَتْ عَلَيْهِ زَكَاتُهُ، وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَرُوِيَ عَنْ طَاوُوسٍ وَمَكْحُولٍ أَنَّهُ لاَ زَكَاةَ فِي ذَلِكَ لأَِنَّ الأَْرْضَ لَيْسَتْ مَمْلُوكَةً لَهُمْ فَلَمْ تَجِبْ عَلَيْهِمْ زَكَاةٌ فِي الْخَارِجِ مِنْهُ كَالْمَسَاكِينِ.
وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ كَالْمَسَاجِدِ وَالْفُقَرَاءِ فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ - وَهُوَ مَا حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ الشَّافِعِيِّ - تَجِبُ الزَّكَاةُ إِذَا بَلَغَتْ نِصَابًا لِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ (١)، وَلأَِنَّ الْعُشْرَ يَجِبُ فِي الْخَارِجِ لاَ فِي الأَْرْضِ فَكَانَ مِلْكُ الأَْرْضِ وَعَدَمُهُ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ، كَمَا يَقُول الْحَنَفِيَّةُ.
وَعَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ الزَّكَاةَ تَخْرُجُ أَوَّلًا بِمَعْرِفَةِ مَنْ يَلِي الْوَقْفَ ثُمَّ يُفَرِّقُ الْبَاقِي عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ بِالاِجْتِهَادِ كَمَا يَقُول الْمَالِكِيَّةُ (٢) .
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ مِنْ نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لاَ زَكَاةَ فِي غَلَّةِ الْمَوْقُوفِ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْفُقَرَاءِ وَلاَ فِيمَا يَحْصُل فِي
_________
(١) سورة الأنعام / ١٤١.
(٢) بدائع الصنائع ٢ / ٥٦، ومنح الجليل ٤ / ٧٧.