الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٤ -
الْوَقْفَ نَقْلٌ لِلْمِلْكِ فِيهَا فِي الْحَيَاةِ فَأَشْبَهَ الْبَيْعَ، وَلأَِنَّ الْوَقْفَ تَحْبِيسُ الأَْصْل وَتَسْبِيل الْمَنْفَعَةِ وَمَا لاَ مَنْفَعَةَ فِيهِ لاَ يَحْصُل فِيهِ تَسْبِيل الْمَنْفَعَةِ وَالْكَلْبُ أُبِيحَ الاِنْتِفَاعُ بِهِ عَلَى خِلاَفِ الأَْصْل لِلضَّرُورَةِ فَلَمْ يَجُزِ التَّوَسُّعُ فِيهَا، وَالْمَرْهُونُ فِي وَقْفِهِ إِبْطَال حَقِّ الْمُرْتَهَنِ مِنْهُ فَلَمْ يَجُزْ إِبْطَالُهُ (١) .
وَمَثَّل الشَّافِعِيَّةُ بِمَا لاَ يَصِحُّ وَقْفُهُ بِأُمِّ الْوَلَدِ وَالْحَمْل وَالْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ، وَهَذَا فِي الأَْصَحِّ، وَمُقَابِل الأَْصَحِّ يَصِحُّ وَقْفُ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ، أَمَّا الْكَلْبُ غَيْرُ الْمُعَلَّمِ فَلاَ يَصِحُّ وَقْفُهُ جَزْمًا.
أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَلَمْ يَشْتَرِطُوا هَذَا الشَّرْطَ، قَال الدُّسُوقِيُّ: صَحَّ وَقْفُ مَمْلُوكٍ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمَمْلُوكُ الَّذِي أُرِيدَ وَقْفُهُ وَلاَ يَجُوزُ بَيْعُهُ كَجِلْدِ أُضْحِيَةٍ وَكَلْبِ صَيْدٍ وَعَبْدٍ آبِقٍ خِلاَفًا لِبَعْضِهِمْ (٢) .
وَالْحَنَفِيَّةُ لَمْ يَنُصُّوا عَلَى هَذَا الشَّرْطِ وَإِنْ كَانَتْ قَوَاعِدُهُمْ لاَ تَأْبَاهُ، فَالأَْصْل عِنْدَهُمْ عَدَمُ جَوَازِ وَقْفِ الْمَنْقُول إِلاَّ تَبَعًا أَوْ مَا جَرَى فِيهِ التَّعَامُل بَيْنَ النَّاسِ.
قَال الزَّيْلَعِيُّ: قَال الشَّافِعِيُّ: يَجُوزُ وَقْفُ كُل مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَيُمْكِنُ الاِنْتِفَاعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ
_________
(١) المغني ٥ / ٦٤١، وشرح منتهى الإرادات ٢ / ٤٩٢.
(٢) الدسوقي ٤ / ٧٥ - ٧٦، والخرشي ٧ / ٧٩، ومغني المحتاج ٢ / ٣٧٧ - ٣٧٨، وأسنى المطالب ٢ / ٤٥٨.