الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٤ - حرف الواو - وقف - أركان الوقف - الركن الثالث الموقوف عليه - الشرط الثالث أن لا يعود الوقف على الواقف - ب - أن يشترط الغلة لنفسه - والقول الثاني
جَائِزٌ كَمَا إَذَا بَنَى خَانًا أَوْ سَاقِيَةً أَوْ جَعَل أَرْضَهُ مَقْبَرَةً وَشَرَطَ أَنْ يَنْزِل فِيهِ أَوْ يَشْرَبَ مِنْهُ أَوْ يُدْفَنَ فِيهِ، وَلأَِنَّ مَقْصُودَهُ الْقُرْبَةُ وَفِي الصَّرْفِ إِلَى نَفْسِهِ كَذَلِكَ (١)، قَال النَّبِيُّ ﷺ: مَا أَنْفَقَ الرَّجُل عَلَى نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ وَخَادِمِهِ فَهُوَ صَدَقَةٌ (٢) .
لَكِنَّ الْحَنَابِلَةَ وَأَبَا يُوسُفَ قَالُوا: إِنَّ انْتِفَاعَ الْمَوْقُوفِ بِغَلَّةِ الْوَقْفِ لاَبُدَّ أَنْ يَكُونَ بِالشَّرْطِ، فَلاَ يَحِل الأَْكْل مِنَ الْمَوْقُوفِ إِلاَّ إِذَا اشْتَرَطَ ذَلِكَ.
لَكِنَّ هَذَا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ وَقْفًا عَامًّا، أَمَّا إِذَا وَقَفَ شَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ يَدْخُل فِي جُمْلَتِهِمْ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ مِثْل أَنْ يَقِفَ مَسْجِدًا فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ أَوْ مَقْبَرَةً فَلَهُ الدَّفْنُ فِيهَا أَوْ بِئْرًا لِلْمُسْلِمِينَ فَلَهُ أَنْ يَسْتَقِيَ مِنْهَا أَوْ سِقَايَةً أَوْ شَيْئًا يَعُمُّ الْمُسْلِمِينَ فَيَكُونَ كَأَحَدِهِمْ (٣) وَقَدْ وَرَدَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ سَبَّل بِئْرَ رُومَةَ وَكَانَ دَلْوُهُ فِيهَا كَدِلاَءِ الْمُسْلِمِينَ (٤) .
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنَّهُ لاَ يَصِحُّ أَنْ يَشْتَرِطَ الْوَاقِفُ
_________
(١) حاشية ابن عابدين ٣ / ٣٨٧، وفتح القدير ٦ / ٢٢٥ - ٢٢٧، وشرح منتهى الإرادات ٢ / ٤٩٤ - ٤٩٥، ومغني المحتاج ٢ / ٣٨٠.
(٢) حديث: " ما أنفق الرجل على نفسه. . " أخرجه ابن ماجه (٢ / ٧٢٣) من حديث المقدام بن معد يكرب، وحسن إسناده البوصيري في مصباح الزجاجة (٢ / ٥ - ط دار الجنان) .
(٣) فتح القدير ٦ / ٢٢٦، والمغني ٥ / ٦٠٤.
(٤) أثر عثمان بن عفان أنه سبل بئر رومة. أخرجه الترمذي (٥ / ٦٢٧) وقال: حديث حسن.