الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٤ -
بِأَمْرٍ مُتَحَقِّقِ الْوُجُودِ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ قَال ابْنُ عَابِدِينَ: لَوْ قَال: إِنْ كَانَتْ هَذِهِ الأَْرْضُ مِلْكِي فَهِيَ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ، فَإِنْ كَانَتْ فِي مِلْكِهِ وَقْتَ التَّكَلُّمِ صَحَّ الْوَقْفُ وَإِلاَّ فَلاَ؛ لأَِنَّ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ الْكَائِنِ تَنْجِيزٌ.
لَكِنْ يُسْتَثْنَى عِنْدَ الْجُمْهُورِ الْوَقْفُ الْمُعَلَّقُ عَلَى الْمَوْتِ، كَمَا إِذَا قَال: إِنْ مُتُّ فَأَرْضِي هَذِهِ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ، فَإِنَّ الْوَقْفَ يَصِحُّ؛ لأَِنَّهُ تَبَرُّعٌ مَشْرُوطٌ بِالْمَوْتِ، وَيُعْتَبَرُ وَصِيَّةً بِالْوَقْفِ، وَعِنْدَئِذٍ يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الْوَصِيَّةِ فِي اعْتِبَارِهِ مِنَ الثُّلُثِ كَسَائِرِ الْوَصَايَا، وَالدَّلِيل عَلَى صِحَّةِ تَعْلِيقِ الْوَقْفِ بِالْمَوْتِ وَاعْتِبَارِهِ وَصِيَّةً أَنَّ عُمَرَ ﵁ وَصَّى فَكَانَ فِي وَصِيَّتِهِ: " هَذَا مَا أَوْصَى بِهِ عَبْدُ اللَّهِ عُمَرُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ حَدَثَ بِهِ حَدَثُ الْمَوْتِ أَنَّ ثَمْغًا صَدَقَةٌ " (١) (، وَوَقْفُهُ هَذَا كَانَ بِأَمْرِ النَّبِيِّ ﷺ وَاشْتُهِرَ فِي الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُنْكَرْ، فَكَانَ إِجْمَاعًا (٢) .
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي قَوْلٍ أَنَّ صِيغَةَ الْوَقْفِ تَقْبَل التَّعْلِيقَ وَأَنَّ التَّنْجِيزَ لَيْسَ شَرْطًا
_________
(١) ثمغ بالفتح مال بالمدينة لعمر وقفه (القاموس المحيط)، وأثر عمر في ذكر وصيته أخرجه أبو داود (٣ / ٢٩٩ - ٣٠٠) وصححه إسناده ابن حجر في التلخيص (٣ / ١٦٢ - ط العلمية) .
(٢) الدر المختار وحاشية ابن عابدين ٣ / ٣٦٠، ٣٦٢، والإسعاف ص٣٥، ومغني المحتاج ٢ / ٣٨٥، والمهذب ١ / ٤٤٨، ورح منتهى الإرادات ٢ / ٤٩٦، وكشاف القناع ٤ / ٢٥٠ - ٢٥١، والإنصاف ٧ / ٢٣.