الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٤ - حرف الواو - وعد - الأحكام المتعلقة بالوعد - أ - الوفاء بالوعد - أحدها
كَمَنْ وَعَدَ بِزِنًا أَوْ بِخَمْرٍ أَوْ بِمَا يُشْبِهُ ذَلِكَ. فَصَحَّ أَنَّ لَيْسَ كُل مَنْ وَعَدَ فَأَخْلَفَ أَوْ عَاهَدَ فَغَدَرَ مَذْمُومًا وَلاَ مَلُومًا وَلاَ عَاصِيًا، بَل قَدْ يَكُونُ مُطِيعًا مُؤَدِّيَ فَرْضٍ (١) .
وَأَمَّا مَنْ وَعَدَ بِشَيْءٍ وَاجِبٍ شَرْعًا، كَأَدَاءِ حَقٍّ ثَابِتٍ أَوْ فِعْل أَمْرٍ لاَزِمٍ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إِنْجَازُ ذَلِكَ الْوَعْدِ (٢) .
وَأَمَّا مَنْ وَعَدَ بِفِعْل شَيْءٍ مُبَاحٍ أَوْ مَنْدُوبٍ إِلَيْهِ، فَيَنْبَغِي عَلَيْهِ أَنْ يُنْجِزَ وَعْدَهُ، حَيْثُ إِنَّ الْوَفَاءَ بِالْوَعْدِ مِنْ مَكَارِمِ الأَْخْلاَقِ وَخِصَال الإِْيمَانِ، وَقَدْ أَثْنَى الْمَوْلَى جَل وَعَلاَ عَلَى مَنْ صَدَقَ وَعْدَهُ فَامْتَدَحَ إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِقَوْلِهِ: ﴿إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ﴾ (٣)، وَكَفَى بِهِ مَدْحًا، وَبِمَا خَالَفَهُ ذَمًّا.
٥ - وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ الْوَفَاءِ بِذَلِكَ عَلَى سَبْعَةِ أَقْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ إِنْجَازَ الْوَعْدِ وَاجِبٌ (٤) .
وَإِلَى هَذَا الْمَذْهَبِ ذَهَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالْقَاضِي ابْنُ الأَْشْوَعِ الْكُوفِيُّ الْهَمْدَانِيُّ وَابْنُ شُبْرُمَةَ، وَهُوَ وَجْهٌ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ اخْتَارَهُ تَقِيُّ
_________
(١) المحلى ٨ / ٢٩، وأحكام القرآن للجصاص ٣ / ٤٤٢.
(٢) المحلى ٨ / ٢٩، وأحكام القرآن للجصاص ٣ / ٤٤٢، والفتوحات الربانية ٦ / ٢٥٨.
(٣) سورة مريم / ٥٤.
(٤) انظر أحكام القرآن لابن العربي ٤ / ١٨٠٠، والأذكار مع شرحه الفتوحات الربانية ٦ / ٢٦٠.