الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٣ -
سَوَاءٌ اتَّصَل بِالْمَوْتِ أَوْ لَمْ يَتَّصِل بِأَنْ أَفَاقَ قَبْل الْمَوْتِ، لأَِنَّ الْوَصِيَّةَ عَقْدٌ غَيْرُ لاَزِمٍ كَالْوَكَالَةِ، فَيَكُونُ لِبَقَائِهِ حُكْمُ الإِْنْشَاءِ كَالْوَكَالَةِ فَتُعْتَبَرُ أَهْلِيَّةُ الْعَقْدِ إِلَى وَقْتِ الْمَوْتِ، كَمَا تُعْتَبَرُ أَهْلِيَّةُ الآْمِرِ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ، وَلَمَّا كَانَ الْمَجْنُونُ غَيْرَ أَهْلٍ لإِنْشَاءِ الْوَصِيَّةِ فِي الاِبْتِدَاءِ؛ لأَِنَّ قَوْلَهُ غَيْرُ مُلْزِمٍ، كَانَ طُرُوءُ الْجُنُونِ الْمُطْبِقِ مُبْطِلًا لَهُ.
وَالْجُنُونُ الْمُطْبِقُ: مَا دَامَ شَهْرًا فَأَكْثَرَ، وَهُوَ رَأْيُ أَبِي يُوسُفَ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ: هُوَ مَا امْتَدَّ سَنَةً.
فَإِنْ لَمْ يُطْبِقِ الْجُنُونُ لاَ تَبْطُل الْوَصِيَّةُ؛ لأَِنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُشْبِهُ الإِْغْمَاءَ، وَلَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ لاَ تَبْطُل الْوَصِيَّةُ، لأَِنَّ الإِْغْمَاءَ لاَ يُزِيل الْعَقْل.
وَيُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَاتِ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ أَنَّ طُرُوءَ الْجُنُونِ الطَّارِئِ غَيْرِ الْمُمْتَدِّ عَلَى الْمُوصِي لاَ يُبْطِل الْوَصِيَّةَ.
قَال ابْنُ جُزَيٍّ: لاَ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ مِنَ الْمَجْنُونِ إِلاَّ حَال إِفَاقَتِهِ.
وَقَال الْبُهُوتِيُّ: تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ فِي إِفَاقَةِ مَنْ يُخْنَقُ فِي بَعْضِ الأَْحْيَانِ، لأَِنَّهُ فِي إِفَاقَتِهِ عَاقِلٌ (١) .
_________
(١) الْبَدَائِع ٧ / ٣٩٤، والدر الْمُخْتَار ٥ / ٤٦٩ - ٤٧١، وكشاف الْقِنَاع ٤ / ٣٣٦ - ٣٣٧، والقوانين الْفِقْهِيَّة ص ٤٠١ ومواهب الْجَلِيل ٦ / ٤٦٠ والشرح الصَّغِير ٤ / ٥٨٠