الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٣

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٣ -

وَقَال إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ: إِنَّ الْوِصَال لَهُ مُسْتَحَبٌّ. قَال الرَّمْلِيُّ: وَهُوَ مُتَّجَهٌ، إِذِ الْعِبَادَةُ إِمَّا وَاجِبَةٌ أَوْ مُسْتَحَبَّةٌ، وَيَنْبَغِي حَمْل إِطْلاَقِ الْجُمْهُورِ الإِْبَاحَةَ عَلَى نَفْيِ التَّحْرِيمِ الصَّادِقِ بِالاِسْتِحْبَابِ (١) .

٤ - وَفِي مَعْنَى الْحَدِيثِ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي أَقْوَالٌ لِلْعُلَمَاءِ:

قَال السُّيُوطِيُّ: إِنَّ الْحَدِيثَ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَإِنَّ اللَّهَ ﷿ يُطْعِمُ النَّبِيَّ ﷺ مِنْ طَعَامِ الْجَنَّةِ، وَطَعَامُهَا لاَ يُفَطِّرُ، كَرَامَةً لَهُ لاَ تُشَارِكُهُ فِيهِ الأُْمَّةُ.

وَقَال آخَرُونَ، وَهُوَ الأَْصَحُّ كَمَا قَال النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ: الْمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُعْطِي نَبِيَّهُ ﷺ قُوَّةَ الطَّاعِمِ الشَّارِبِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ ﷺ فِي رِوَايَةٍ: إِنِّي أَظَل يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي (٢) لأَِنَّ " أَظَل " لاَ يُقَال إِلاَّ فِي النَّهَارِ، وَلاَ يَجُوزُ الأَْكْل وَالشُّرْبُ فِيهِ لِلصَّائِمِ بِلاَ شَكٍّ، فَدَل عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَأْكُل، وَلَيْسَ الْمُرَادُ الأَْكْل حَقِيقَةً، وَإِنَّمَا ذَلِكَ كِنَايَةٌ عَنْ إِعْطَائِهِ قُوَّةَ الطَّاعِمِ الشَّارِبِ لاَ عَلَى حَقِيقَتِهِ؛ لأَِنَّ لَوْ أَكَل حَقِيقَةً لَمْ يَبْقَ وِصَالٌ،

_________

(١) الْمَجْمُوع ٦ / ٣٥٦، وَمَا بَعْدَهَا، وَأَسْنَى الْمَطَالِب ٣ / ١٠١.

(٢) رِوَايَة: " إِنِّي أَظَل يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي ". أَخْرَجَهَا الْبُخَارِيّ (الْفَتْح ١٣ / ٣٢٥) مِنْ حَدِيثِ أَنَس بْن مَالِك.