الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٣

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٣ -

مَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ (١) .

وَقَدْ جَرَتْ كَثِيرٌ مِنْ مَسَائِل الْفِقْهِ عَلَى قَاعِدَةِ الاِحْتِيَاطِ، فَظَنَّ الْمُوَسْوَسُونَ أَنَّ مَا هُمْ فِيهِ مِنْ أَمْرِ الْوَسْوَسَةِ دَاخِلٌ فِي قَاعِدَةِ الاِحْتِيَاطِ، وَرَأَوْا أَنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ مِنَ التَّفْرِيطِ، كَمَنْ لاَ يُبَالِي كَيْفَ يَتَوَضَّأُ، وَلاَ بِأَيِّ مَاءٍ تَوَضَّأَ، وَلاَ بِأَيِّ مَكَانٍ صَلَّى، وَلاَ يُبَالِي مَا أَصَابَ ثَوْبَهُ، فَيَحْمِل الأُْمُورَ كُلَّهَا عَلَى الطَّهَارَةِ، وَرَأَوْا أَنَّ الاِسْتِقْصَاءَ وَالتَّشْدِيدَ وَالاِجْتِهَادَ فِي الاِحْتِيَاطِ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ (٢) .

وَقَال ابْنُ الْقَيِّمِ فِي مَعْرِضِ كَشْفِ شُبُهَاتِ أَهْل الْوَسْوَسَةِ: إِنَّ الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ الَّذِي أُمِرْنَا بِاتِّبَاعِهِ هُوَ قَصْدُ السَّبِيل، وَمَا خَرَجَ عَنْهُ فَهُوَ مِنَ السُّبُل الْجَائِرَةِ، فَالْمِيزَانُ الَّذِي يُعْرَفُ بِهِ الاِسْتِقَامَةُ وَالْجَوْرُ هُوَ مَا كَانَ عَلَيْهِ رَسُول اللَّهِ ﷺ وَأَصْحَابُهُ، وَقَدْ قَال ﷺ: إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ (٣)، وَنَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنِ

_________

(١) حَدِيث: " مَنِ اتَّقَى الشُّبَهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعَرَضِهِ ". تَقَدَّمَ تَخْرِيجه (ف ١٠) .

(٢) إِغَاثَة اللَّهْفَان ١ / ١٤٨.

(٣) حَدِيث: " إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ " أَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ (٥ / ٢٦٨ - ط الْمَكْتَبَة التِّجَارِيَّة) مِنْ حَدِيثِ ابْن عَبَّاسٍ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيّ فِي الْمَجْمُوعِ (٧ / ١٧١) .