الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٣ -
الَّذِي يُفَوَّضُ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ وَفْقَ اجْتِهَادِهِ وَمَشِيئَتِهِ، وَنَقَل أَبُو يَعْلَى عَنِ الْخِرَقِيِّ فَقَال: وَذَكَرَ الْخِرَقِيُّ مَا يَدُل عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَزِيرُ التَّنْفِيذِ مِنْ أَهْل الذِّمَّةِ؛ لأَِنَّهُ أَجَازَ إِعْطَاءَهُمْ جُزْءًا مِنَ الزَّكَاةِ إِنْ كَانُوا مِنَ الْعَامِلِينَ فِيهَا، فَيُعْطَوْا بِحَقِّ مَا عَمِلُوا، مِمَّا يَدُل عَلَى جَوَازِ وِلاَيَتِهِمْ وَعِمَالَتِهِمْ (١) .
وَخَالَفَهُمُ الْجُوَيْنِيُّ وَقَال: فَإِنَّ الثِّقَةَ لاَ بُدَّ مِنْ رِعَايَتِهَا، وَلَيْسَ الذِّمِّيُّ مَوْثُوقًا فِي أَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ وَتَصَارِيفِ أَحْوَالِهِ، وَرِوَايَتُهُ مَرْدُودَةٌ، وَكَذَلِكَ شَهَادَتُهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَكَيْفَ يُقْبَل قَوْلُهُ فِيمَا يُسْنِدُهُ وَيَعْزُوهُ إِلَى إِمَامِ الْمُسْلِمِينَ؟ (٢)
وَاسْتَدَل الْجُوَيْنِيُّ بِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: ﴿لاَ تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا (٣)﴾، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لاَ تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ (٤)﴾، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ (٥)﴾، وَقَوْلِهِ ﷺ: أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُل مُسْلِمٍ مَعَ مُشْرِكٍ، لاَ تَتَرَاءَى نَارَاهُمَا (٦)، وَأَنَّ
_________
(١) الأحكام السلطانية لأبي يعلى ص٣٢.
(٢) غياث الأمم للجويني ص١١٤، ١١٥، ١٥٥.
(٣) سورة آل عمران: ١١٨.
(٤) سورة المائدة: ٥١.
(٥) سورة الممتحنة: ١.
(٦) حديث: " أنا بريء من كل مسلم مع مشرك. . . " أخرجه أبو داود (٣ / ١٠٤ - ١٠٥ ط حمص) من حديث جرير بن عبد الله ﵁، والنسائي (٨ / ٣٦ ط المكتبة التجارية الكبرى) من حديث قيس بن أبي حازم مرسلا. قال الحافظ ابن حجر في التلخيص (٤ / ١١٩ ط الفنية المتحدة): صحح البخاري وأبو داود والترمذي والدارقطني إرساله إلى قيس بن أبي حازم.