الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٣ - حرف الواو - ورع - درجات الورع - الرابعة
الثَّانِيَةُ: وَرَعُ الصَّالِحِينَ، وَهُوَ الاِمْتِنَاعُ عَمَّا يَتَطَرَّقُ إِلَيْهِ احْتِمَال التَّحْرِيمِ، وَإِنْ كَانَ الْمُفْتِي يُفْتِي بِالرُّخْصَةِ بِنَاءً عَلَى الظَّاهِرِ، وَذَلِكَ فِي كُل شُبْهَةٍ يُسْتَحَبُّ اجْتِنَابُهَا وَلاَ يَجِبُ، لِقَوْلِهِ ﷺ: دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيبُكَ (١)، وَنَحْمِلُهُ عَلَى نَهْيِ التَّنْزِيهِ.
الثَّالِثَةُ: وَرَعُ الْمُتَّقِينَ، وَهُوَ مَا لاَ تُحَرِّمُهُ الْفَتْوَى، وَلاَ شُبْهَةَ فِي حِلِّهِ، وَلَكِنْ يَخَافُ مِنْهُ أَنْ يُؤَدِّيَ إِلَى حَرَامٍ، وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْل النَّبِيِّ ﷺ: لاَ يَبْلُغُ الْعَبْدُ دَرَجَةَ الْمُتَّقِينَ حَتَّى يَدَعَ مَا لاَ بَأْسَ بِهِ حَذَرًا لِمَا بِهِ الْبَأْسُ (٢)، وَمِنْهُ تَرْكُ الزِّينَةِ وَالتَّوَرُّعُ عَنْهَا، لأَِنَّهُ يَخَافُ مِنْهَا أَنْ تَدْعُوَ إِلَى غَيْرِهَا، وَإِنْ كَانَتِ الزِّينَةُ مُبَاحَةً فِي نَفْسِهَا، وَأَكْثَرُ الْمُبَاحَاتِ دَاعِيَةٌ إِلَى الْمَحْظُورَاتِ.
وَقَال عُمَرُ ﵁: كُنَّا نَدَعُ تِسْعَةَ أَعْشَارِ الْحَلاَل مَخَافَةَ أَنْ نَقَعَ فِي الْحَرَامِ.
الرَّابِعَةُ: وَرَعُ الصِّدِّيقِينَ: فَالْحَلاَل عِنْدَهُمْ
_________
(١) حديث: " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. . . " أخرجه الترمذي (٤ / ١٦٨ - ط الحلبي) من حديث الحسن بن علي، وقال: حديث حسن صحيح.
(٢) حديث: " لا يبلغ العبد درجة المتقين. . . " أخرجه الترمذي (٤ / ٦٣٤ - ط الحلبي) من حديث عطية السعدي، وذكر المناوي في فيض القدير (٦ / ٤٤٣ - ط المكتبة التجارية) أن في إسناده راويا لا يعرف حاله.