الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٣ -
" دَعْهَا عَنْكَ " (١) إِشَارَةٌ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ بِالْكَفِّ عَنْهَا عَنْ طَرِيقِ الْوَرَعِ، لاَ مِنْ طَرِيقِ الْحُكْمِ، وَلَيْسَ فِي هَذَا دَلاَلَةٌ عَلَى وُجُوبِ قَبُول قَوْل الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ فِي هَذَا (٢) .
وَكَذَا قَال ابْنُ الْهُمَامِ: الْحَدِيثُ كَانَ لِلتَّوَرُّعِ، لأَِنَّهُ أَعْرَضَ عَنْهُ، وَلَوْ كَانَ حُكْمُ الإِْخْبَارِ وُجُوبَ التَّفْرِيقِ لأَجَابَهُ مِنْ أَوَّل الأَْمْرِ، إِذِ الإِْعْرَاضُ قَدْ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ تَرْكُ السَّائِل الْمَسْأَلَةَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَيَكُونُ تَقْرِيرًا عَلَى الْمُحَرَّمِ (٣) .
وَرَوَى أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلاَّمٍ أَنَّ عُمَرَ ﵄ قَال فِي مِثْل هَذِهِ الْوَاقِعَةِ: " فَرِّقْ بَيْنَهُمَا إِنْ جَاءَتْ بَيِّنَةٌ، وَإِلاَّ فَخَل بَيْنَ الرَّجُل وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، إِلاَّ أَنْ يَتَنَزَّهَا، وَلَوْ فُتِحَ هَذَا الْبَابُ لَمْ تَشَأِ امْرَأَةٌ أَنْ تُفَرِّقَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ إِلاَّ فَعَلَتْ (٤) " فَقَوْلُهُ: " إِلاَّ أَنْ يَتَنَزَّهَا " هُوَ مَعْنَى التَّوَرُّعِ.
وَتُنْظَرُ الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالشَّكِّ سَوَاءٌ طَرَأَ الشَّكُّ عَلَى أَصْلٍ حَرَامٍ، أَمْ عَلَى أَصْلٍ مُبَاحٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ الشَّكُّ مُجْمَعًا عَلَى اعْتِبَارِهِ، أَمْ مُجْمَعًا عَلَى إِلْغَائِهِ، أَمْ مُخْتَلَفًا فِي اعْتِبَارِهِ وَإِلْغَائِهِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الشَّكُّ فِي الرُّكْنِ أَمْ فِي
_________
(١) رواية: " دعها عنك " أخرجها البخاري (الفتح ٩ / ١٥٢ ط السلفية) .
(٢) معالم السنن للخطابي ٤ / ٢٧.
(٣) فتح القدير لابن الهمام ٣ / ٤٦٢.
(٤) فتح الباري ٥ / ٢٦٩.