الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٣ - حرف الواو - ورد - اختلاف الأوراد باختلاف الأحوال - الثاني - العالم
قَال أَبُو سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيُّ: فَإِذَا وَجَدْتَ قَلْبَكَ فِي الْقِيَامِ فَلاَ تَرْكَعْ، وَإِذَا وَجَدْتَهُ فِي الرُّكُوعِ فَلاَ تَرْفَعْ (١) .
الثَّانِي - الْعَالِمُ:
١٦ - الْعَالِمُ هُوَ الَّذِي يَنْتَفِعُ النَّاسُ بِعِلْمِهِ فِي فَتْوَى أَوْ تَدْرِيسٍ أَوْ تَصْنِيفٍ أَوْ تَذْكِيرٍ. فَتَرْتِيبُهُ فِي الأَْوْرَادِ يُخَالِفُ تَرْتِيبَ الْعَابِدِ فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى الْمُطَالَعَةِ فِي الْكُتُبِ وَالتَّصْنِيفِ وَالإِْفَادَةِ، فَإِنِ اسْتَغْرَقَ الأَْوْقَاتَ فِي ذَلِكَ فَهُوَ أَفْضَل مَا يَشْتَغِل بِهِ بَعْدَ الْمَكْتُوبَاتِ وَرَوَاتِبِهَا، وَكَيْفَ لاَ يَكُونُ كَذَلِكَ وَفِي الْعِلْمِ الْمُوَاظَبَةُ عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَأَمُّل مَا قَال اللَّهُ تَعَالَى وَقَال رَسُولُهُ، وَفِيهِ مَنْفَعَةُ الْخَلْقِ وَهِدَايَتُهُمْ إِلَى طَرِيقِ الآْخِرَةِ؟ وَرُبَّ مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ يَتَعَلَّمُهَا الْمُتَعَلِّمُ فَيُصْلِحُ بِهَا عِبَادَةَ عُمُرِهِ، وَلَوْ لَمْ يَتَعَلَّمْهَا لَكَانَ سَعْيُهُ ضَائِعًا. وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ الْمُقَدَّمِ عَلَى الْعِبَادَةِ: الْعِلْمُ الَّذِي يُرَغِّبُ النَّاسَ فِي الآْخِرَةِ، وَيُعِينُ عَلَى سُلُوكِ طَرِيقِهَا، دُونَ الْعُلُومِ الَّتِي تَزِيدُ بِهَا الرَّغْبَةُ فِي الْمَال وَقَبُول الْخَلْقِ، وَالأَْوْلَى بِالْعَالِمِ أَيْضًا أَنْ يُقَسِّمَ أَوْقَاتَهُ، لأَِنَّ اسْتِغْرَاقَ الأَْوْقَاتِ فِي تَرْتِيبِ الْعِلْمِ لاَ تَصْبِرُ عَلَيْهِ النَّفْسُ
_________
(١) مختصر منهاج القاصدين لابن قدامة ص ٦٥، وانظر إحياء علوم الدين ١ / ٣٠٦.