الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٣ -
لِصَرِيحِ الْمُخَالَفَةِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ. فَإِنْ كَانَ النَّقْل لِضَرُورَةٍ - كَخَوْفِ حَرِيقٍ أَوْ غَرَقٍ أَوْ غَلَبَةِ لُصُوصٍ - لَمْ يَضْمَنْ، لِتَعَيُّنِ حِفْظِهَا بِنَقْلِهَا. بَل يَجِبُ عَلَيْهِ نَقْلُهَا إِلَى حِرْزِ مِثْلِهَا إِنْ وُجِدَ، وَإِلاَّ فَلِدُونِهِ، لأَِنَّهُ لَيْسَ فِي وُسْعِهِ سِوَاهُ. فَلَوْ تَرَكَ النَّقْل فِي ذَلِكَ الْحَال ضَمِنَ، لأَِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ رَبَّ الْوَدِيعَةِ قَصَدَ بِالنَّهْيِ عَنِ النَّقْل الاِحْتِيَاطَ فِي حِفْظِهَا، وَالاِحْتِيَاطُ فِي هَذِهِ الْحَال أَنْ تُنْقَل، فَلِذَلِكَ لَزِمَهُ.
أَمَّا إِذَا قَال لَهُ: لاَ تَنْقُلْهَا وَإِنْ وَقَعَ خَوْفٌ، فَلاَ يَنْقُلُهَا وَإِنْ وَقَعَ الْخَوْفُ، وَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ بِتَرْكِ نَقْلِهَا حِينَئِذٍ، لأَِنَّ نَهْيَهُ عَنْهُ مَعَ خَوْفِ الْهَلاَكِ أَبْرَأَ الْوَدِيعَ مِنَ الضَّمَانِ، إِذِ الضَّمَانُ إِنَّمَا يَجِبُ لِحَقِّ صَاحِبِهَا، فَسَقَطَ بِقَوْلِهِ. وَإِنْ نَقَلَهَا الْوَدِيعُ، لَمْ يَضْمَنْ أَيْضًا، لأَِنَّ قَصْدَهُ الصِّيَانَةُ (١) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِذَا عَيَّنَ رَبُّ الْوَدِيعَةِ الْحِرْزَ، بِأَنْ قَال: احْفَظْهَا بِهَذَا الْبَيْتِ أَوِ الْحَانُوتِ، فَأَحْرَزَهَا بِدُونِهِ رُتْبَةً فِي الْحِفْظِ، فَضَاعَتْ، ضَمِنَ لِمُخَالَفَتِهِ، لأَِنَّ الْبُيُوتَ وَالْحَوَانِيتَ تَخْتَلِفُ فِي دَرَجَةِ الْحِفْظِ. وَحَتَّى لَوْ رَدَّهَا إِلَى
_________
(١) تُحْفَة الْمُحْتَاج ٧ / ١١٦ وَمَا بَعْدَهَا، وَرَوْضَة الطَّالِبِينَ ٦ / ٣٣٧ - ٣٤١ وَالأُْمّ ٤ / ٦١، والقليوبي وَعَمِيرَة ٣ / ١٨٤، وَأَسْنَى الْمَطَالِب ٣ / ٨٠ وَمَا بَعْدَهَا.