الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٣ - حرف الواو - وديعة - موجبات ضمان الوديعة - ج - خلط الوديعة بغيرها - الحالة الثانية خلط الوديعة بغير إذن صاحبها فيما لا يمكن تميزه - ط - التصرف في الوديعة - للفقهاء في المسألة قولان
وَعَلَّلُوا عَدَمَ جَوَازِ تَأْجِيرِهَا مِنْ قِبَل الْوَدِيعِ لآِخَرَ، بِأَنَّ الإِْجَارَةَ عَقْدٌ لاَزِمٌ، وَالإِْيدَاعَ عَقْدٌ غَيْرُ لاَزِمٍ، فَلَوْ جَازَ لِلْوَدِيعِ تَأْجِيرُهَا لَصَارَتِ الإِْجَارَةُ غَيْرَ لاَزِمَةٍ مَعَ أَنَّهَا لاَزِمَةٌ.
وَقَالُوا: لَيْسَ لَهُ أَنْ يُعِيرَهَا أَيْضًا، لأَِنَّ الْوَدِيعَ غَيْرُ مَالِكٍ لِمَنَافِعِ الْوَدِيعَةِ، وَلَمَّا كَانَتِ الإِْعَارَةُ تَمْلِيكًا لِلْمَنَافِعِ، فَلَيْسَ مِنَ الْمُمْكِنِ أَنْ يَمْلِكَ الْمَرْءُ شَيْئًا لاَ يَمْلِكُهُ. وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْهَنَهَا عِنْدَ آخَرَ، لأَِنَّ الرَّهْنَ إِيفَاءٌ حُكْمًا، وَلَيْسَ لِشَخْصٍ أَنْ يَفِيَ دَيْنَهُ بِمَال الْغَيْرِ بِلاَ أَمْرِ صَاحِبِهِ، بِالإِْضَافَةِ إِلَى أَنَّ الرَّهْنَ عَقْدٌ لاَزِمٌ مِنْ جِهَةِ الرَّاهِنِ، وَالْوَدِيعَةُ لَيْسَتْ عَقْدًا لاَزِمًا. كَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ الْوَدِيعَةَ أَوْ يَهَبَهَا لآِخَرَ بِلاَ إِذْنٍ وَيُسَلِّمَهَا إِلَيْهِ، لأَِنَّ بَيْعَهُ وَهِبَتَهُ لاَ تَنْفُذَانِ بِدُونِ رِضَا مَالِكِهَا. (١)
٥٦ - وَلَوْ آجَرَ الْوَدِيعُ الْوَدِيعَةَ تَعَدِّيًا، فَهَل يَسْتَحِقُّ أُجْرَتَهَا، أَمْ أَنَّهَا تَكُونُ لِمَالِكِهَا؟
لِلْفُقَهَاءِ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلاَنِ:
الأَْوَّل: لِلْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ أَنَّ الأُْجْرَةَ تَكُونُ لِلْوَدِيعِ بِمُقَابَلَةِ ضَمَانِ الْوَدِيعَةِ، كَمَا يَسْتَحِقُّ الْغَاصِبُ مَنَافِعَ الْمَغْصُوبِ بِمُقَابَلَةِ ضَمَانِهِ (٢) . قَال السَّرَخْسِيُّ: وَلَوْ أَكْرَى - أَيِ الْوَدِيعُ ـ
_________
(١) دُرَر الْحُكَّام ٢ / ٢٦٨.
(٢) الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّة ٤ / ٣٦١.