الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٣ -
وَإِنْ كَانَتِ الْوَدِيعَةُ نَقْدًا فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ. وَذَلِكَ لأَِنَّ مِثْلَهُ كَعَيْنِهِ، فَالتَّصَرُّفُ الْوَاقِعُ فِيهِ كَلاَ تَصَرُّفٍ، أَوْ أَنَّهُ تَصَرُّفٌ بِمَا هُوَ مَظِنَّةُ أَنْ لاَ يَأْبَاهُ رَبُّهُ، فَلَمَّا لَمْ يُرَدْ لِذَاتِهِ، كَانَ أَخَفَّ مِنَ الْمُقَوَّمِ. وَمَحَل كَرَاهَةِ تَسَلُّفِ النَّقْدِ فِيمَا إِذَا لَمْ يُبِحْ لَهُ رَبُّهُ ذَلِكَ أَوْ يَمْنَعُهُ، بِأَنْ جَهِل، وَإِلاَّ أُبِيحَ فِي الأَْوَّل، وَمُنِعَ فِي الثَّانِي. (١)
وَأَجَازَهُ بَعْضُهُمْ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ فِيهِ وَفَاءٌ، وَأَشْهَدَ عَلَى الاِقْتِرَاضِ، وَوَجْهُ الْجَوَازِ: أَنَّ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ لاَ تَتَعَيَّنُ، فَكَأَنَّهُ لاَ مَضَرَّةَ عَلَى الْمُودِعِ فِي انْتِفَاعِ الْوَدِيعِ بِهَا إِذَا رَدَّ مِثْلَهَا، وَقَدْ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ مِثْلَهَا، وَيَتَمَسَّكَ بِهَا مَعَ بَقَاءِ أَعْيَانِهَا، وَلأَِنَّ الْمُودِعَ قَدْ تَرَكَ الاِنْتِفَاعَ بِهَا مَعَ الْقُدْرَةِ، فَجَازَ لِلْوَدِيعِ الاِنْتِفَاعُ بِهَا. وَيَجْرِي ذَلِكَ مَجْرَى الاِنْتِفَاعِ بِظِل حَائِطِهِ وَضَوْءِ سِرَاجِهِ.
وَإِنْ كَانَتِ الْوَدِيعَةُ مِنَ الْمِثْلِيَّاتِ الأُْخْرَى، فَإِنْ كَانَتْ مِمَّا يَكْثُرُ اخْتِلاَفُهُ وَلاَ يَتَحَصَّل أَمْثَالُهُ، فَيَحْرُمُ تَسَلُّفُهَا، كَالْقِيمِيَّاتِ، وَإِلاَّ فَيَجُوزُ سَلَفُهَا كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فِي ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ. وَقَال الْبَاجِيُّ: الأَْظْهَرُ عِنْدِي الْمَنْعُ، وَقَدْ عَلَّقَ اللَّخْمِيُّ عَلَى الاِخْتِلاَفِ فِي الْجَوَازِ، فَقَال: وَأَرَى أَنْ يَنْظُرَ إِلَى الْمُودِعِ، فَإِنْ كَانَ
_________
(١) الزُّرْقَانِيّ عَلَى خَلِيل ٦ / ١١٥.