الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٣

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٣ -

بِأَنْ يُلْقِيَهَا فِي الْبَحْرِ أَوْ يَحْرِقَهَا فِي النَّارِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَقَدْ نَصَّ الْفُقَهَاءُ عَلَى حُرْمَةِ إِتْلاَفِهَا. (١) وَلَوْ فَعَل، فَفِي ضَمَانِهِ قَوْلاَنِ:

أَحَدُهُمَا: لاَ شَيْءَ عَلَيْهِ، لإِذْنِ الْمَالِكِ لَهُ بِذَلِكَ، لأَِنَّ الْحَقَّ فِي الْوَدِيعَةِ ثَابِتٌ لِصَاحِبِهَا، وَقَدْ أَسْقَطَهُ حِينَ أَذِنَ لَهُ بِإِتْلاَفِهَا، فَصَارَ كَمَا لَوِ اسْتَنَابَهُ فِي مُبَاحٍ، فَلاَ يَغْرَمُ الْوَدِيعُ لَهُ شَيْئًا.

وَلأَِنَّ لتَحْرِيمِ الْفِعْل أَثَرَهُ فِي بَقَاءِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ التَّأْثِيمُ، أَمَّا حَقُّ الآْدَمِيِّ، فَلاَ يَبْقَى مَعَ الإِْذْنِ فِي تَفْوِيتِهِ. وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ. (٢)

وَالثَّانِي: هُوَ ضَامِنٌ، كَمَنْ قَال لِرَجُلٍ: اقْتُلْنِي أَوْ وَلَدِي، فَفَعَل، وَلأَِنَّ مُقْتَضَى عَقْدِ الْوَدِيعَةِ وُجُوبُ حِفْظِهَا عَلَى الْوَدِيعِ، فَصَارَ الإِْذْنُ لَهُ فِي إِتْلاَفِهَا، كَشَرْطٍ مُنَاقِضٍ لِمُقْتَضَى عَقْدِهَا، فَيُلْغَى. (٣) قَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَلأَِنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ إِتْلاَفِ الْمَال فِي غَيْرِ حَال الضَّرُورَةِ،

_________

(١) مَوَاهِب الْجَلِيل ٥ / ٢٥١، وَالْمُغْنِي ٩ / ٢٧٦، وَالإِْشْرَاف لاِبْن الْمُنْذِر ١ / ٢٦٤.

(٢) شَرْح مُنْتَهَى الإِْرَادَاتِ ٢ / ٤٥١، وَكَشَّافُ الْقِنَاعِ ٤ / ١٨٩، وَالْمُبْدِع ٥ / ٢٣٦، وَالْمُغْنِي ٩ / ٢٧٦، وَالزُّرْقَانِيَّ عَلَى خَلِيلٍ ٦ / ١١٤، وَمَوَاهِب الْجَلِيل ٥ / ٢٥١، وَالإِْشْرَاف لاِبْن الْمُنْذِر ١ / ٢٦٤، وَأَسْنَى الْمَطَالِب ٣ / ٧٨، وَتُحْفَة الْمُحْتَاج ٧ / ١١٤.

(٣) الزُّرْقَانِيِّ عَلَى خَلِيلٍ ٦ / ١١٤.