الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٣

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٣ -

وَوَافَقَهُمْ فِي ذَلِكَ الْمَالِكِيَّةُ فِيمَا إِذَا كَانَ الْوَدِيعُ قَبَضَهَا بِدُونِ بَيِّنَةٍ. أَمَّا إِذَا قَبَضَهَا بِبَيِّنَةٍ قَصَدَ بِهَا التَّوْثِيقَ، فَقَالُوا: لاَ يُقْبَل قَوْلُهُ فِي رَدِّهَا عَلَى مَالِكِهَا إِلاَّ بِبَيِّنَةٍ. (١) وَقَدْ عَلَّل ذَلِكَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ الْبَغْدَادِيُّ بِقَوْلِهِ: لأَِنَّهُ لَمَّا أَشْهَدَ عَلَيْهِ وَتَوَثَّقَ مِنْهُ، جَعَلَهُ أَمِينًا فِي الْحِفْظِ دُونَ الرَّدِّ، فَإِذَا ادَّعَى رَدَّهَا، فَقَدِ ادَّعَى بَرَاءَتَهُ مِمَّا لَيْسَ بِمُؤْتَمَنٍ فِيهِ، فَلَمْ يُقْبَل مِنْهُ إِلاَّ بِبَيِّنَةٍ، وَلأَِنَّ هَذَا فَائِدَةُ الإِْشْهَادِ عَلَيْهِ، فَإِذَا أَزَلْنَاهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ فَائِدَةٌ. (٢)

وَقَدْ وَافَقَ الْمَالِكِيَّةَ فِي هَذَا التَّقْسِيمِ وَالتَّفْصِيل أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يُقَيِّدِ الْبَيِّنَةَ - فِيمَا إِذَا قَبَضَ الْوَدِيعُ الْوَدِيعَةَ بِبَيِّنَةٍ - بِأَنْ يَكُونَ التَّوَثُّقُ مَقْصُودًا بِهَا. (٣) قَال ابْنُ رَجَبٍ: وَخَرَّجَهَا ابْنُ عَقِيلٍ عَلَى أَنَّ الإِْشْهَادَ عَلَى دَفْعِ الْحُقُوقِ الثَّابِتَةِ بِالْبَيِّنَةِ وَاجِبٌ، فَيَكُونُ تَرْكُهُ تَفْرِيطًا، فَيَجِبُ فِيهِ الضَّمَانُ (٤) .

_________

(١) مَوَاهِبُ الْجَلِيل ٥ / ٢٦٤، وَالزُّرْقَانِيُّ عَلَى خَلِيلٍ ٦ / ١٢٣، وَمَيَّارَةٍ عَلَى التُّحْفَةِ ٢ / ١٩٠، وَالتَّفْرِيعُ لاِبْنِ الْجَلاَّبِ ٢ / ٢٧٠، وَالْقَوَانِينُ الْفِقْهِيَّةُ ص ٣٧٩، وَكِفَايَةُ الطَّالِبِ الرَّبَّانِيِّ ٢ / ٢٥٣، وَبِدَايَةُ الْمُجْتَهِدِ ٢ / ٣١٠، وَالتَّاجُ وَالإِْكْلِيل ٥ / ٢٦٤.

(٢) الإِْشْرَافُ عَلَى مَسَائِل الْخِلاَفِ ٢ / ٤١.

(٣) الْمُبْدِعُ ٥ / ٢٤٢، وَإِعْلاَمُ الْمُوَقِّعِينَ ٤ / ٨، الْقَوَاعِدُ لاِبْنِ رَجَبٍ ص٦٢.

(٤) الْقَوَاعِدُ لاِبْنِ رَجَبٍ ص ٦٢.