الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٣ -
فَتَعَيَّنَ لِلضَّمَانِ (١) .
وَقَدْ أَكَّدَتِ الْمَجَلَّةُ الْعَدْلِيَّةُ هَذَا الْمَعْنَى، فَجَاءَ فِي الْمَادَّةِ (٧٧٣): إِذَا وَضَعَ رَجُلٌ مَالَهُ عِنْدَ جَمَاعَةٍ عَلَى سَبِيل الْوَدِيعَةِ وَانْصَرَفَ، وَهُمْ يَرَوْنَهُ، وَبَقُوا سَاكِتِينَ، صَارَ ذَلِكَ الْمَال وَدِيعَةً عِنْدَ جَمِيعِهِمْ، فَإِذَا قَامُوا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ وَانْصَرَفُوا عَنْ ذَلِكَ الْمَال، فَبِمَا أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ حِينَئِذٍ الْحِفْظُ عَلَى مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ آخِرًا، يَصِيرُ الْمَال وَدِيعَةً عِنْدَ الأَْخِيرِ فَقَطْ.
فَالْحَنَفِيَّةُ اعْتَبَرُوا الإِْيدَاعَ مُنْعَقِدًا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِالإِْيجَابِ وَالْقَبُول دَلاَلَةً فِعْلِيَّةً، وَبِذَلِكَ صَارَ ذَلِكَ الْمَال فِيهَا وَدِيعَةً عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، فَإِذَا غَادَرُوا جَمِيعُهُمْ ذَلِكَ الْمَكَانَ مَعًا، ضَمِنُوا كُلُّهُمْ بِالاِشْتِرَاكِ، أَيْ إِنَّ بَدَل الضَّمَانِ يَنْقَسِمُ عَلَى عَدَدِ الَّذِينَ قَامُوا وَذَهَبُوا بِالتَّسَاوِي. أَمَّا إِذَا غَادَرَ أُولَئِكَ الأَْشْخَاصُ الْوَاحِدُ تِلْوَ الآْخَرِ ذَلِكَ الْمَحَل بَعْدَ أَنْ رَأَوُا الْمَال الْمُودَعَ وَسَكَتُوا، فَمَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ فِي الآْخِرِ يَكُونُ قَدْ تَعَيَّنَ لِلْحِفْظِ، وَيَصِيرُ ذَلِكَ الْمَال وَدِيعَةً عِنْدَهُ فَقَطْ. فَإِذَا تَرَكَ ذَلِكَ الأَْخِيرُ الْمَكَانَ، وَفُقِدَ ذَلِكَ الْمَال، لَزِمَهُ وَحْدَهُ الضَّمَانُ. (٢)
_________
(١) الْبَحْرُ الرَّائِقُ ٧ / ٢٧٣.
(٢) دُرَرُ الْحُكَّامِ ٢ / ٢٢٧ وَمَا بَعْدَهَا.