الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٢

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٢ -

فِي الْمَنْدُوبِ الرَّاجِحِ، أَمَّا لَوْ كَانَ بِغَيْرِ الْمَوَاضِعِ الثَّلاَثَةِ مِنْ أَقْطَارِ الدُّنْيَا وَنَذَرَ الْمَشْيَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ يَنْبَغِي أَنْ يَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ.

وَقَدْ ذَكَرَ الْقَرَافِيُّ وَجْهًا آخَرَ فَقَال:

أَوْ يُقَال: الصَّلاَةُ مِنْ حَيْثُ هِيَ صَلاَةٌ حَقِيقَةٌ وَاحِدَةٌ، فَالْعُدُول فِيهَا عَنِ الصِّفَةِ الدُّنْيَا إِلَى الصِّفَةِ الْعُلْيَا لاَ يَقْدَحُ فِي مُوجِبِ النَّذْرِ، أَلاَ تَرَى أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِثَوْبٍ خَلِقٍ أَوْ غَلِيظٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الصِّفَاتِ الَّتِي لاَ تَتَضَمَّنُ مَصْلَحَةً بَل هِيَ مَرْجُوحَةٌ فِي الثِّيَابِ، فَتَصَدَّقَ بِثَوْبٍ جَدِيدٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الثِّيَابِ الْمَوْصُوفَةِ بِالصِّفَاتِ الْجَيِّدَةِ، فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ. . . فَإِنَّ النَّذْرَ لَمَّا وَرَدَ عَلَى الثَّوْبِ الْخَلِقِ وَرَدَ عَلَى شَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَصْل الثَّوْبِ، وَالآْخَرُ صِفَتُهُ، فَأَمَّا التَّصَدُّقُ فِي أَصْل الثَّوْبِ فَقُرْبَةٌ فَتَجِبُ، وَأَمَّا التَّصَدُّقُ بِوَصْفِ الْخَلِقِ فَلَيْسَ فِيهِ نَدْبٌ شَرْعِيٌّ، فَلاَ يُؤَثِّرُ فِيهِ النَّذْرُ، فَيُجْزِئُ ضِدُّهُ فَكَذَلِكَ هَاهُنَا؛ لأَِنَّهُ لَمَّا نَذَرَ الصَّلاَةَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ فَقَدْ نَذَرَ الصَّلاَةَ مَوْصُوفَةً بِخَمْسِمِائَةِ صَلاَةٍ كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ، وَهَذِهِ الْخَمْسُمِائَةِ هِيَ بِعَيْنِهَا فِي الْحَرَمَيْنِ مَعَ زِيَادَةِ خَمْسِمِائَةٍ أُخْرَى لِلْحَدِيثِ (١)، فَكُل مَا هُوَ مَطْلُوبٌ لِلشَّرْعِ فِي

_________

(١) الْحَدِيث أُورِدُهُ الهيثمي فِي مَجْمَع الزَّوَائِد (٤ / ٧ ط الْقُدْس) عَنِ ابْن الدَّرْدَاء بِلَفْظ: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: " الصَّلاَة فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَام بِمِائَةِ أَلْفِ صَلاَةِ، وَالصَّلاَةِ فِي مَسْجِدِي ب