الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٢ -
فَعَلْتَ كَذَا فَلاَ تَفْعَل (١) .
١٢ - وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ ذِي الْهَيْئَةِ لاَ يُوقَعُ عَلَيْهِ عُقُوبَةٌ أَصْلًا، قَال ابْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ: إِذَا صَدَرَ مِنْ وَلِيٍّ لِلَّهِ تَعَالَى صَغِيرَةٌ فَإِنَّهُ لاَ يُعَزَّرُ، وَقَدْ جَهِل أَكْثَرُ النَّاسِ، فَزَعَمُوا أَنَّ الْوِلاَيَةَ تَسْقُطُ بِالصَّغِيرَةِ، وَيَشْهَدُ بِذَلِكَ حَدِيثُ أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ إِلاَّ الْحُدُودَ (٢) فَلاَ يَجُوزُ تَعْزِيرُهُمْ.
وَنَازَعَهُ فِي ذَلِكَ الأَْذْرَعِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَقَال: بِأَنَّ ظَاهِرَ كَلاَمِ الشَّافِعِيِّ ﵀ نَدْبُ الْعَفْوِ عَنْهُمْ، وَبِأَنَّ عُمَرَ ﵁ عَزَّرَ جَمْعًا مِنْ مَشَاهِيرِ الصَّحَابَةِ ﵃ وَهُمْ رُءُوسُ الأَْوْلِيَاءِ وَسَادَةُ الأُْمَّةِ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ. قَال فُقَهَاءُ الشَّافِعِيَّةِ جَمْعًا لِلْقَوْلَيْنِ: بِأَنَّ سَيِّدَنَا عُمَرَ ﵁ عَزَّرَ مَنْ ذُكِرَ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ تَكَرَّرَ مِنْهُمْ، وَالْكَلاَمُ هُنَا فِي عَدَمِ تَعْزِيرِ ذِي الْهَيْئَةِ فِي أَوَّل زَلَّةٍ زَلَّهَا مُطِيعٌ، وَقَالُوا: إِنَّ قَوْل الإِْمَامِ الشَّافِعِيِّ: " لَمْ يُعَزَّرْ " ظَاهِرٌ فِي الْحُرْمَةِ، وَفِعْل عُمَرَ ﵁ اجْتِهَادٌ مِنْهُ، وَالْمُجْتَهِدُ لاَ يُنْكَرُ عَلَيْهِ فِي الْمَسَائِل الْخِلاَفِيَّةِ (٣) .
_________
(١) الْكِفَايَة بِهَامِش فَتْح الْقَدِير ٥ / ١١٣ - ١١٤.
(٢) حَدِيث: " أُقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ. . . " سَبَقَ تَخْرِيجَهُ ف ٨.
(٣) نِهَايَة الْمُحْتَاجِ ٨ / ١٧، وتحفة الْمُحْتَاج ٩ / ١٧٦، ومغني الْمُحْتَاج ٤ / ١٩١.