الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٢ -
خُلِقُوا لِلْعِبَادَةِ لِلَّهِ وَالدُّخُول تَحْتَ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِْنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ﴾ ﴿مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (١)﴾ .
وَالثَّانِي: مَا دَل عَلَى ذَمِّ مُخَالَفَةِ هَذَا الْقَصْدِ:
مِنَ النَّهْيِ أَوَّلًا عَنْ مُخَالَفَةِ أَمْرِ اللَّهِ، وَذَمِّ مَنْ أَعْرَضَ عَنِ اللَّهِ، وَإِيعَادِهِمْ بِالْعَذَابِ الْعَاجِل مِنَ الْعُقُوبَاتِ الْخَاصَّةِ بِكُل صِنْفٍ مِنْ أَصْنَافِ الْمُخَالَفَاتِ، وَالْعَذَابِ الآْجِل فِي الدَّارِ الآْخِرَةِ، وَأَصْل ذَلِكَ اتِّبَاعُ الْهَوَى وَالاِنْقِيَادُ إِلَى طَاعَةِ الأَْغْرَاضِ الْعَاجِلَةِ وَالشَّهَوَاتِ الزَّائِلَةِ.
الثَّالِثُ: مَا عُلِمَ بِالتَّجَارِبِ وَالْعَادَاتِ مِنْ أَنَّ الْمَصَالِحَ الدِّينِيَّةَ وَالدُّنْيَوِيَّةَ لاَ تَحْصُل مَعَ الاِسْتِرْسَال فِي اتِّبَاعِ الْهَوَى وَالْمَشْيِ مَعَ الأَْغْرَاضِ، لِمَا يَلْزَمُ فِي ذَلِكَ مِنَ التَّهَارُجِ وَالتَّقَاتُل وَالْهَلاَكِ الَّذِي هُوَ مُضَادٌّ لِتِلْكَ الْمَصَالِحِ، وَهَذَا مَعْرُوفٌ عِنْدَ الْعِبَادِ بِالتَّجَارِبِ وَالْعَادَاتِ الْمُسْتَمِرَّةِ؛ وَلِذَلِكَ اتَّفَقُوا عَلَى ذَمِّ مَنِ اتَّبَعَ شَهَوَاتِهِ، وَسَارَ حَيْثُ سَارَتْ بِهِ، فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا، انْبَنَى عَلَيْهِ قَوَاعِدُ:
مِنْهَا أَنَّ كُل عَمَلٍ كَانَ الْمُتَّبَعُ فِيهِ الْهَوَى بِإِطْلاَقٍ مِنْ غَيْرِ الْتِفَاتٍ إِلَى الأَْمْرِ أَوِ النَّهْيِ أَوِ التَّخْيِيرِ، فَهُوَ بَاطِلٌ بِإِطْلاَقٍ.
_________
(١) سُورَة الذَّارِيَاتِ / ٥٦، ٥٧