الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٢ -
اعْتِبَارَ لِقَوْلِهِ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الْعَمَل بِالأَْصْل، وَهُوَ صِحَّةُ الْعَقْدِ، أَوْلَى مِنِ اعْتِبَارِ الْمُوَاضَعَةِ؛ لأَِنَّهَا عَارِضٌ لَمْ تُنَوِّرْ دَعْوَى مُدَّعِيهَا بِالْبَيَانِ، فَلاَ يَكُونُ الْقَوْل قَوْلَهُ، كَمَا فِي خِيَارِ الشَّرْطِ (١) .
وَعِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ أَبَى يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ: أَنَّ الْعَقْدَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَاسِدٌ، وَالْقَوْل قَوْل مَنْ يَدَّعِي الْمُوَاضَعَةَ؛ لأَِنَّهُمَا قَدْ اعْتَبَرَا أَنَّ الأَْصْل هُوَ الْمُوَاضَعَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ، إِلاَّ أَنْ يُوجَدَ مَا يُنَاقِضُهَا؛ لأَِنَّ الْبِنَاءَ عَلَيْهَا هُوَ الظَّاهِرُ؛ لِئَلاَّ يَكُونَ اشْتِغَال الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِالْمُوَاضَعَةِ عَبَثًا؛ أَمَّا كَوْنُ الأَْصْل فِي الْعَقْدِ الصِّحَّةَ وَاللُّزُومَ فَإِنَّهُ يُعَارَضُ بِأَنَّ الْمُوَاضَعَةَ سَابِقَةٌ عَلَى الْعَقْدِ، وَالسَّبْقُ مِنْ أَسْبَابِ التَّرْجِيحِ، إِلاَّ أَنَّهُ يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْعَقْدَ عَلَى سَبِيل الْجِدِّ مُتَأَخِّرٌ عَنِ الْمُوَاضَعَةِ، وَالْمُتَأَخِّرُ يَصْلُحُ نَاسِخًا لِلْمُتَقَدِّمِ إِذَا لَمْ يُعَارِضْهُ مَا يُغَيِّرُهُ، كَمَا إِذَا اتَّفَقَا عَلَى الْبِنَاءِ عَلَى الْمُوَاضَعَةِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ الْبَيْعُ صَحِيحًا لاَزِمًا، وَالْهَزْل بَاطِلٌ (٢) .
_________
(١) تَيْسِير التَّحْرِير ٢ / ٢٩١، وفتح الْغَفَّار ٢ / ١١٠، والمبسوط لِلسَّرْخَسِيَ ٢٤ / ١٢٣.
(٢) الْمَبْسُوط لِلسَّرْخَسِيَ ٢٤ / ١٢٣، وشرح الْمَنَار وَحَوَاشِيه ص ٩٨٢، والتلويح عَلَى التَّوْضِيحِ ٢ / ١٨٨.