الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٢ -
وَقَوْلِهِ ﷺ: كُل فِجَاجِ مَكَّةَ طَرِيقٌ وَمَنْحَرٌ (١) .
وَنَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ مَكَانَ ذَبْحِ الْهَدَايَا بِمَا فِيهَا دَمُ الْمُحْصَرِ الْحَرَمُ، فَلاَ يَجُوزُ ذَبْحُ الْهَدَايَا إِلاَّ فِي الْحَرَمِ وَاحْتَجُّوا بِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَلاَ تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ (٢)﴾، وَلَوْ كَانَ كُل مَوْضِعٍ مَحِلًّا لِلذَّبْحِ لَمْ يَكُنْ لِذِكْرِ الْمَحِل فَائِدَةٌ.
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى وُجُوبِ إِرَاقَةِ دَمِ الْمُحْصَرِ فِي الْحَرَمِ أَيْضًا بِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ " أُمِرَ الْمُحْصَرُ بِأَنْ يَبْعَثَ هَدْيًا وَيُوَاعِدَ أَصْحَابَهُ مَوْعِدًا، فَإِذَا نَحَرَ عَنْهُ حَل " (٣) .
وَلأَِنَّهُ دَمُ تَحَلُّلٍ فَوَجَبَ أَنْ يَتَوَقَّتَ بِالْحَرَمِ قِيَاسًا عَلَى دَمِ الْمُتْعَةِ؛ وَدَمِ الْمُجَامِعِ قَبْل الْوُقُوفِ، وَهَذَا لأَِنَّ الدَّمَ لاَ يَخْلُو عَنِ الإِْرَاقَةِ عَلَى سَبِيل الْقُرْبَةِ، وَالْقُرْبَةُ فِي الإِْرَاقَةِ لاَ تُعْقَل
_________
(١) حَدِيث: كُل فِجَاج مَكَّة طَرِيق وَمَنْحَر. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد (٢ / ٤٧٩ - ط حِمْص)، والحاكم (١ / ٤٦٠ - ط دَارَ الْمَعَارِف الْعُثْمَانِيَّة) وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.
(٢) سُورَةُ الْبَقَرَةِ / ١٩٦.
(٣) أَثَر ابْن مَسْعُود " أَنَّهُ أَمَّرَ الْمَحْصَر بِأَنْ يَبْعَثَ هَدْيًا " أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيّ فِي شَرْحِ مَعَانِي الآْثَار (٢ / ٢٥١ - ط مَطْبَعَة الأَْنْوَار الْمُحَمَّدِيَّة) .