الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٢ -
كَأَنْ يَقُول: هَذَا الْوَاجِبُ عَلَيَّ، فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْوُجُوبُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَبْرَأَ الذِّمَّةُ مِنْهُ؛ لأَِنَّهُ لَوْ أَوْجَبَ هَدْيًا وَلاَ هَدْيَ عَلَيْهِ لَتَعَيَّنَ، فَإِذَا كَانَ وَاجِبًا فَعَيَّنَهُ فَكَذَلِكَ إِلاَّ أَنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ، فَإِنْ عَطِبَ أَوْ سُرِقَ أَوْ ضَل أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ لَمْ يُجْزِهِ وَعَادَ الْوُجُوبُ إِلَى ذِمَّتِهِ، وَإِنْ ذَبَحَهُ فَسُرِقَ أَوْ عَطِبَ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ، قَال أَحْمَدُ: إِذَا نَحَرَ فَلَمْ يَطْعَمْهُ حَتَّى سُرِقَ لاَ شَيْءَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ إِذَا نَحَرَ فَقَدْ فَرَغَ، وَهَذَا قَوْل الثَّوْرِيِّ (١) .
أَمَّا مَنْ تَطَوَّعَ بِهَدْيٍ غَيْرِ وَاجِبٍ فَإِنَّهُ لَمْ يَخْل مِنْ حَالَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَنْوِيَهُ هَدْيًا، وَلاَ يُوجِبُ بِلِسَانِهِ وَلاَ بِإِشْعَارِهِ وَتَقْلِيدِهِ، فَهَذَا لاَ يَلْزَمُهُ إِمْضَاؤُهُ، وَلَهُ أَوْلاَدُهُ وَنَمَاؤُهُ وَالرُّجُوعُ فِيهِ مَتَى شَاءَ مَا لَمْ يَذْبَحْهُ؛ لأَِنَّهُ نَوَى الصَّدَقَةَ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ نَوَى الصَّدَقَةَ بِدِرْهَمٍ.
الثَّانِي: أَنْ يُوجِبَ بِلِسَانِهِ فَيَقُول: هَذَا هَدْيٌ، أَوْ يُقَلِّدَهُ أَوْ يُشْعِرَهُ، يَنْوِي بِذَلِكَ إِهْدَاءَهُ، فَيَصِيرُ وَاجِبًا مُعَيَّنًا يَتَعَلَّقُ الْوُجُوبُ بِعَيْنِهِ دُونَ ذِمَّةِ صَاحِبِهِ، وَيَصِيرُ فِي يَدَيْ صَاحِبِهِ كَالْوَدِيعَةِ يَلْزَمُهُ حِفْظُهُ وَإِيصَالُهُ إِلَى مَحَلِّهِ.
فَإِنْ تَلِفَ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنْهُ، أَوْ سُرِقَ، أَوْ ضَل
_________
(١) الْمُغْنِي ٣ / ٥٣٤ ط الرِّيَاض، و٥ / ٤٣٤ ط هُجِرَ.