الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٢

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٢ -

لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ ﵄ قَال: أَهْدَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ نَجِيبًا، فَأَعْطَى بِهَا ثَلاَثَمِائَةِ دِينَارٍ، فَأَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ إِنِّي أَهْدَيْتُ نَجِيبًا فَأَعْطَيْتُ بِهَا ثَلاَثَمِائَةِ دِينَارٍ، أَفَأَبِيعُهَا وَأَشْتَرِي بِثَمَنِهَا بُدْنًا؟ قَال: لاَ، انْحَرْهَا إِيَّاهَا (١) . فَلَوْ كَانَ إِبْدَالُهَا أَوْ بَيْعُهَا جَائِزًا بَعْدَ النَّذْرِ أَوِ التَّعْيِينِ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ مِنْ دَمٍ وَاجِبٍ لأَِذِنَ فِيهِ لأَِنَّ الْبُدْنَ أَكْثَرُ لَحْمًا مِنَ النَّجِيبَةِ، وَهُوَ أَنْفَعُ لِلْمَسَاكِينِ (٢) .

الرَّأْيُ الثَّانِي: ذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ إِبْدَالُهُ بِخَيْرٍ مِنْهُ وَبَيْعُهُ لِيَشْتَرِيَ بِثَمَنِهِ خَيْرًا مِنْهُ، وَلاَ يَجُوزُ إِبْدَالُهُ بِمِثْلِهِ أَوْ بِدُونِهِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي ذَلِكَ. وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: نَصَّ عَلَى هَذَا أَحْمَدُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَكْثَرِ الأَْصْحَابِ، وَقَالُوا: لأَِنَّ النُّذُورَ مَحْمُولَةٌ عَلَى أُصُولِهَا فِي الْفَرْضِ وَهُوَ الزَّكَاةُ يَجُوزُ فِيهَا الإِْبْدَال، كَذَلِكَ هَذَا؛ وَلأَِنَّهُ لَوْ زَال مِلْكُهُ لَمَا عَادَ إِلَيْهِ بِالْهَلاَكِ كَسَائِرِ الأَْمْلاَكِ إِذَا زَالَتْ (٣) .

_________

(١) حَدِيث ابْن عُمَر: " أُهْدِي عُمَر بْن الْخَطَّابِ نَجِيبًا ". أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد (٢ / ٣٦٥ - ط حِمْص) وَالْبَيْهَقِيّ (٥ / ٢٤١ ط دَائِرَة الْمَعَارِفِ الْعُثْمَانِيَّة)، وذكر ابْن التُّرْكُمَانِيِّ أَنَّ فِي إِسْنَادِهِ رَاوِيًا مَجْهُولًا.

(٢) الْحَاوِي الْكَبِير ٥ / ٤٨٥ - ٤٧٦، والمجموع ٨ / ٣٦٢ وَمَا بَعْدَهَا، والمغني ٣ / ٥٣٩، والمدونة ١ / ٣٨٥.

(٣) الْمُغْنِي ٣ / ٥٣٩.