الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٢ - حرف الهاء - هدنة - نقض الهدنة - ثالثا العدول عن المجاملة في القول والفعل - ذكرهم النبي ﷺ بسوء
ذِكْرُهُمُ النَّبِيَّ ﷺ بِسُوءٍ:
٢٤ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي أَثَرِ هَذَا السَّبِّ عَلَى عَقْدِ الْهُدْنَةِ.
فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ) إِلَى أَنَّ مِمَّا يَنْتَقِضُ بِهِ الْعَهْدُ هُوَ سَبُّهُمُ اللَّهَ تَعَالَى أَوِ الْقُرْآنَ أَوِ الرَّسُول ﷺ أَوْ نَبِيًّا مِنَ الأَْنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ مُجْمَعًا عَلَى نُبُوَّتِهِ عِنْدَنَا (١) .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى عَدَمِ انْتِقَاضِ عَقْدِ الْهُدْنَةِ بِسَبِّ النَّبِيِّ ﷺ، لأَِنَّ سَبَّ النَّبِيِّ ﷺ كُفْرٌ مِنَ الْكَافِرِ الْمُهَادِنِ؛ وَالْكُفْرُ الْمُقَارِنُ لِعَقْدِ الْهُدْنَةِ لاَ يَمْنَعُ عَقْدَ الْهُدْنَةِ فِي الاِبْتِدَاءِ فَالْكُفْرُ الطَّارِئُ لاَ يَرْفَعُهُ فِي حَال الْبَقَاءِ (٢)، رَوَى عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: دَخَل رَهْطٌ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكَ، فَفَهِمْتُهَا، فَقُلْتُ: عَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ، فَقَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: " مَهْلًا يَا عَائِشَةُ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَْمْرِ كُلِّهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُول اللَّهِ أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟
_________
(١) شَرْح الزُّرْقَانِيّ ٣ / ١٤٧، وجواهر الأكليل ١ / ٢٦٩، وتحفة الْمُحْتَاج ٩ / ٣٠٢، ومغني الْمُحْتَاج ٤ / ٢٦٤، ومطالب أُولِي النُّهَى ٢ / ٦٢٢.
(٢) حَاشِيَة ابْن عَابِدِينَ ٣ / ٢٧٨، ٢٤٩، وفتح الْقَدِير ٤ / ٣٨١ ط الأَْمِيرِيَّة.