الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٢ -
وَلأَِنَّهُ إِنْ لَمْ يَفِ بِالْعُهُودِ لَمْ يَسْكُنْ إِلَى عُقُودِهِ وَقَدْ نَحْتَاجُ إِلَيْهَا؛ أَمَّا إِنْ بَانَ فَسَادُ عَقْدِ الْهُدْنَةِ بِنَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ فَيُلْغَى، وَيُعْلَنُ إِلَيْهِمْ بِفَسَادِ الْهُدْنَةِ وَيُبْلَغُونَ مَأْمَنَهُمْ، فَإِنْ دَخَل بَعْضُهُمْ دَارَ الإِْسْلاَمِ بِهَذَا الصُّلْحِ كَانَ آمِنًا؛ لأَِنَّهُ دَخَل مُعْتَقِدًا بِالأَْمَانِ وَيُرَدُّ إِلَى دَارِ الْحَرْبِ، وَلاَ يُقَرُّ بِدَارِ الإِْسْلاَمِ؛ لأَِنَّ الْهُدْنَةَ لَمْ تَصِحَّ (١) .
١٥ - وَإِنْ شَرَطَ الإِْمَامُ لِنَفْسِهِ فِي عَقْدِ الْهُدْنَةِ مَا يَنْفِي لُزُومَهُ فَقَدْ أَجَازَهُ الشَّافِعِيَّةُ وَالْقَاضِي أَبُو يَعْلَى مِنَ الْحَنَابِلَةِ وَمَنَعَهُ الْحَنَابِلَةُ.
فَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ يَجُوزُ تَعْلِيقُ اسْتِدَامَةِ الْهُدْنَةِ عَلَى مَشِيئَةِ الإِْمَامِ يَنْقُضُهَا مَتَى شَاءَ، فَإِنْ عُلِّقَتْ بِمَشِيئَتِهِ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ غَيْرَ مُقَدَّرَةِ الْمُدَّةِ؛ لأَِنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ حِينَ وَادَعَ يَهُودَ خَيْبَرَ قَال: " نُقِرُّكُمْ بِهَا عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا (٢) وَيَكُونُ الإِْمَامُ مُخَيَّرًا فِيهَا إِذَا أَرَادَ نَقْضَهَا؛ لأَِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ عُقُودِ الْمُعَاوَضَةِ الَّتِي تُمْنَعُ الْجَهَالَةُ فِيهَا؛ وَإِذَا جَازَ إِطْلاَقُهَا بِغَيْرِ مُدَّةٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَقُول لَهُمْ:
_________
(١) أَسْنَى الْمَطَالِب ٤ / ٢٢٥، ومغني الْمُحْتَاج ٤ / ٢٦٢، والمغني ٨ / ٤٦٢، وكشاف الْقَاع ٣ / ١١١ - ١١٢، والإنصاف ٤ / ٢١٣، والدسوقي ٢ / ٢٠٦ وَمَا بَعْدَهَا
(٢) حَدِيث: " نُقِرُّكُمْ بِهَا عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا " أَخْرَجَهُ البخاري (فَتْح الْبَارِي ٥ / ٢١ - ط السَّلَفِيَّة)، ومسلم (٣ / ١١٨٨ - ط الْحَلَبِيّ)، مِنْ حَدِيثِ ابْن عُمَر