الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٢ - حرف الهاء - هدنة - صفة عقد الهدنة
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ عَلَى الصَّحِيحِ وَالْحَنَابِلَةُ فِي وَجْهٍ إِلَى فَسَادِ الشَّرْطِ وَالْعَقْدِ مَعًا، أَمَّا فَسَادُ الشَّرْطِ فَلأَِنَّهُ أَحَل حَرَامًا؛ وَأَمَّا فَسَادُ الْعَقْدِ فَلاِقْتِرَانِهِ بِشَرْطٍ مُفْسِدٍ (١) .
صِفَةُ عَقْدِ الْهُدْنَةِ:
١٤ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي صِفَةِ عَقْدِ الْهُدْنَةِ أَهُوَ لاَزِمٌ أَمْ جَائِزٌ؟ فَذَهَبَ جُمْهُورُهُمْ - الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ - إِلَى أَنَّهُ عَقْدٌ لاَزِمٌ، فَإِنْ وَقَعَ صَحِيحًا فَلَيْسَ لِلإِْمَامِ الْعَاقِدِ وَلاَ لِلأَْئِمَّةِ بَعْدَهُ نَقَضُهُ، وَلَزِمَ الْوَفَاءُ بِهِ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْمُدَّةُ، أَوْ يَصْدُرَ مِنْهُمْ مَا يَقْتَضِي الاِنْتِقَاضَ مِنْ قِتَالٍ أَوْ غَيْرِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (٢)﴾، وَقَوْلِهِ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: ﴿فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ (٣)﴾ فَإِذَا مَاتَ الإِْمَامُ الَّذِي عَقَدَ الْعَهْدَ أَوْ عُزِل فَلَيْسَ لِمَنْ بَعْدَهُ نَقْضُ الْعَقْدِ؛ لأَِنَّ الإِْمَامَ الأَْوَّل عَقَدَهَا بِاجْتِهَادِهِ فَلَمْ يَجُزْ نَقْضُهُ بِاجْتِهَادِ غَيْرِهِ، وَإِنْ تَبَيَّنَ الْعَقْدُ فَاسِدًا بِاجْتِهَادِ الإِْمَامِ الْجَدِيدِ، كَمَا لاَ يَجُوزُ لِلْقَاضِي نَقْضُ أَحْكَامِ غَيْرِهِ مِنَ الْقُضَاةِ قَبْلَهُ بِاجْتِهَادِهِ.
_________
(١) حَاشِيَة الشَّرْقَاوَيَّ عَلَى التَّحْرِيرِ ٢ / ٤١٩ ط الْحَلَبِيّ، والمغني ٨ / ٤٦٦، والدسوقي ٢ / ٢٠٦، والخرشي ٣ / ١٥٠، ومغني الْمُحْتَاج ٤ / ٢٦٣
(٢) سُورَةُ الْمَائِدَةِ / ١
(٣) سُورَةُ التَّوْبَةِ / ٤